التفاسير

< >
عرض

خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً
١٠١
-طه

الدر المصون

قوله: { خَالِدِينَ }: حالٌ مِنْ فاعل "يَحْمِلُ". فإنْ قيل: كيفَ [وقع] الجمعُ حالاً من مفردٍ؟ فالجوابُ أنه حُمِل على لفظ "مَنْ" فَأُفْرِدَ الضميرُ في قولِه "أَعْرَضَ" و"فإنَّه" و"يَحْمِلُ"، وعلى معناها فَجُمِعَ في "خالدين" و"لهم". والضميرُ في "فيه" يعود لـ"وِزْراً". والمرادُ في العقاب المتسَبِّبِ عن الوِزْرِ وهو الذنبُ فَأُقيم السببُ مُقامَ المُسَبَّبِ.
وقرأ داود بن رفيع "يُحَمَّلُ" مُضَعَّفاً مبنياً للمفعول والقائمُ مقامَ فاعلِه ضميرُ "مَنْ". و"وِزْراً" مفعولٌ ثانٍ.
قوله: { وَسَآءَ } هذه "ساء" التي بمعنى بِئْس. وفاعلُها مستترٌ فيها يعودُ على "حِمْلاً" المنصوبِ على التمييز، لأنَّ هذا البابَ يُفَسَّر الضمير فيه بما بعدَه. والتقديرُ: وساء الحِمْل حِمْلاً. والمخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ تقديرُه: وساء الحِمْل حِمْلاً وِزْرُهم: ولا يجوز أن يكون الفاعلُ لـ"بِئْس" ضميرَ الوِزْرِ، لأنَّ شَرْطَ الضميرِ في هذا الباب أن يعودَ على نفس التمييز. فإن قلت: ما أنكْرتَ أن يكونَ في "ساء" ضميرُ الوِزْر؟ قلت: لا يَصِحُّ أن يكونَ في "ساء" ـ وحكمُه حكمُ "بئس" ـ ضميرُ شيءٍ بعينه غيرِ مبهمٍ. ولا جائزٌ أن تكونَ "ساء" هنى بمعنى أهمَّ وأحزنَ، فتكونَ متصرفةً كسائر الأفعال. قال الزمخشري: "كفاك صادَّاً عنه أَنْ يَؤُول كلامُ الله تعالى إلى [قولِك]: وأحزن الوِزرُ لهم يومَ القيامة حِمْلاً. وذلك بعد أن تَخْرَجَ عن عُهْدةِ هذه اللامِ وعُهْدَةِ هذا المنصوب" انتهىٰ.
واللامُ في "لهم" متعلقةٌ بمحذوفٍ على سبيلِ البيان، كهي في
{ هَيْتَ لَكَ } [يوسف: 23].