التفاسير

< >
عرض

وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
٢٢
-طه

الدر المصون

قوله: { وَٱضْمُمْ }: لا بدَّ هنا مِنْ حَذْف، والتقدير: واضمُمْ يَدك تنضمَّ، وأَخْرِجْها تَخْرُجْ، فحذف من الأول والثاني، وأبقىٰ مقابلَيْهما ليدلا على ذلك إيجازاً واختصاراً، وإنما احتيج إلى هذا لأنه لا يترتَّبُ على مجردِ الضمِّ الخروجُ.
قوله: { بَيْضَآءَ } حالٌ مِنْ فاعل "تَخْرُجْ".
قوله: { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } يجوز أن يكونَ متعلِّقاً بـ"تخرجْ"، وأن تكونَ متعلقةً بـ"بيضاءَ" لِما فيها من معنىٰ الفعل نحو: ابيضَّتْ من غيرِ سوءٍ. ويجوز أن تكونَ متعلقةً بمحذوفٍ على أنها حال من الضمير في "بيضاء". وقوله: { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } يُسَمَّى عند أهل البيان "الاحتراس" وهو: أن يؤتىٰ بشيءٍ يرفعُ تَوَهُّمَ مَنْ يتوهَّمُ غيرَ المراد؛ وذلك أن البياضَ قد يُرادُ به البَرَصُ والبَهَقُ، فأتىٰ بقوله: { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } نفياً لذلك.
قوله: { آيَةً } فيها أوجهٌ، أحدها: أن تكونَ حالاً أعنى أنها بدلٌ مِنْ "بيضاءَ" الواقعةِ حالاً. الثاني: أنها حالٌ من الضمير في "بيضاءَ". الثالث: أنها حالٌ من الضمير في الجارِّ والمجرور. الرابع: أنها منصوبةٌ بفعلٍ محذوفٍ. فقدَّره أبو البقاء: جَعَلْناها آيةً، أو آتَيْناك آيةً. وقَدَّره الزمخشري: خُذْ آيةً، وقدَّر أيضاً: دنوكَ آية. وردَّ الشيخُ هذا: بأن من باب الإِغراء. ولا يجوز إضمارُ الظروفِ في الإِغراء. قال: لأنَّ العاملَ حُذِفَ، وناب هذا مَنابَه فلا يجوز أن يُحْذَفَ النائبُ أيضاً. وأيضاً فإنَّ أحكامَها تخالفُ العاملَ الصريحَ، فلا يجوز إضمارُها، وإنْ جاز إضمارُ الأفعال.