التفاسير

< >
عرض

ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ
٥
-طه

الدر المصون

قوله: { ٱلرَّحْمَـٰنُ }: العامَّةُ على رفعهِ، وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه بدلٌ من الضميرِ المستكنِّ في "خَلَق". ذكره ابنُ عطية. وردَّه الشيخُ بأن البدلَ يَحُلُّ مَحَلَّ المبدلِ منه، ولو حَلَّ هنا مَحَلَّه لم يَجُزْ لخلوِّ الجملةِ الموصولِ بها مِنْ رابطٍ يربطُها به. الثاني: أن يرتفعَ على خبرِ مبتدأ مضمرٍ، تقديرُه: هو الرحمن. الثالث: أن يرتفعَ على الابتداءِ مشاراً بلامِه إلى مَنْ خَلَقَ، والجملةُ بعده خبرُه.
وقرأ جناح بن حبيش "الرحمنِ" مجروراً. وفيه وجهان، أحدهما: أنه بدلٌ من الموصولِ. لا يقال إنه يؤدي إلى البدلِ بالمشتق وهو قليلٌ؛ لأنَّ الرحمنَ جرىٰ مَجْرى الجوامدِ لكثرة إيلائِه العواملَ. والثاني: أن يكونَ صفةً للموصول أيضاً.
قال الشيخ: "ومذهبُ الكوفيين أنَّ الأسماءَ النواقصَ كـ"مَنْ" و"ما" لا يُوصَف منها إلاَّ "الذي" وحدَه، فعلى مذهبِهم لا يجوز أن يكونَ صفةً". قال ذلك كالرادِّ على الزمخشري.
والجملةُ مِنْ قولِه { عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } خبرٌ لقولِه "الرحمنُ" على القول بأنه مبتدأٌ، أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ إنْ قيل: إنه مرفوعٌ على خبر مبتدأ مضمر، وكذلك في قراءةِ مَنْ جَرَّه.
وفاعلُ "استوىٰ" ضميرٌ يعودُ على الرحمنِ، وقيل: بل فاعلُه "ما" الموصولةُ" بعده أي: استوى الذي له في السماوات، قال أبو البقاء: "ويقال بعضُ الغلاةِ: "ما" فاعلُ "استوىٰ". وهذا بعيدٌ، ثم هو غيرُ نافعٍ له في التأويل، إذ يبقى قولُه { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ } كلاماً تاماً ومنه هرب". قلت: هذا يُروى عن ابنِ عباس، وأنه كان يقف على لفظ "العرش"، ثم يبتدِىءُ "استوىٰ له ما في السماوات" وهذا لا يَصِحُّ عنه.