التفاسير

< >
عرض

فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ
٧٨
-طه

الدر المصون

قوله: { بِجُنُودِهِ }: فيه أوجهٌ: أحدها: أن تكونَ الباءُ للحالِ: وذلك على أنَّ "أَتْبَعَ" متعدٍّ لاثنين حُذف ثانيهما. والتقدير: فَأَتْبَعهم فرعونُ عقابهُ. وقدَّره الشيخ: "رُؤَساءه وحَشَمه" والأول أحسن. والثاني: أنَّ الباءَ زائدةٌ في المفعولِ الثاني. والتقدير: فَأَتْبَعهم فرعونُ جنودَه فهو كقوله تعالىٰ: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [البقرة: 195] [وقولِ الشاعر]:

3312ـ ........................ ............... لا يَقْرَأْن بالسُّوَرِ

وأتبع قد جاء متعدِّياً لاثنين مُصَرَّحٍ بهما قال: "وَأَتْبَعْنَاهُم....". والثالث: أنها مُعَدِّيَةٌ على أنَّ "أَتْبَعَ" قد يتعدَّى لواحدٍ بمعنى مع، ويجوزُ على هذا الوجه أن تكونَ الباءُ للحالِ أيضاً، بل هو الأظهرُ.
وقرأ أبو عمروٍ في روايةٍ والحسنُ "فاتَّبَعَهُمْ" بالتشديد، وكذلك قراءة الحسن في جميع القرآن/ إلاَّ في قولِه:
{ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [الصافات: 10].
قوله: { مَا غَشِيَهُمْ } فاعلُ "غَشِيَهم"، وهذا من باب الاختصار وجوامعِ الكَلِمِ التي يَقِلُّ لفظُها ويكثُر معناها أي: فغشِيَهم ما لا يَعْلم كُنْهَه إلاَّ اللهُ تعَالى. وقرأ الأعمش: "فَغَشَّاهم" مضعَّفاً. وفي الفاعل حينئذٍ ثلاثةُ أوجه، أحدها: أنه "ما غَشَّاهم" كالقراءةِ قبله. أي: غَطَّاهم من اليَمِّ ما غَطَّاهم. والثاني: هو ضميرُ الباري تعالىٰ أي: فَغَشَّاهم اللهُ. والثالث: هو ضميرُ فرعونَ لأنه السببُ في إهْلاكهم. وعلى هذين الوجهين فـ"ما غَشَّاهم" في محلِّ نصبٍ مفعولاً ثانياً.