التفاسير

< >
عرض

وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ
٥٧
-الأنبياء

الدر المصون

قوله: { وَتَٱللَّهِ }: قرأ العامَّة بالتاءِ مثنَّاةً من فوقُ. وقرأ معاذ بن جبل وأحمد بن حنبل بالباء موحدة. قال الزمخشري: "فإن قلتَ: ما الفرقُ بين الباءِ والتاءِ؟ قلت: الباءُ هي الأصلُ، والتاءُ بدلٌ من الواوِ المُبْدَلِ منها، وإنَّ التاءَ فيها زيادةٌ معنىً، وهو التعجبُ، كأنه تَعَجَّبَ من تسهيلِ الكيدِ على يدِه وتَأَتِّيه". أمَّا قولُه: "إن الباءَ هي الأصلُ" فيدلُّ على ذلك تَصَرُّفُها في الباب، بخلافِ الواوِ والتاءِ، وإن كان السهيليُّ قد رَدَّ كونَ الواوِ بدلاً منها.
وقال الشيخ: "النظرُ يقتضي أنَّ كلاً منها أصلٌ. وأمَّا قولُه "التعجبُ" فنصوصُ النَّحْويين أنه يجوزُ فيها التعجبُ وعدمُه، وإما يلزمُ ذلك مع اللامِ كقوله:

3352ـ للهِ يَبْقى على الأيَّامِ ذو حِيَدٍ بمُشْمَخِرّ به الظَّيَّانُ والآوسُ

و"بعدَ" منصوبٌ بـ"لأَكِيْدَنَّ". و"مُدْبرين" حالٌ مؤكّدةٌ، لأنَّ "تُوَلُّوا" تُفْهِمُ معناها. وقرأ العامَّة "تُوَلُّوا" بضم التاءِ و اللامِ مضارعَ "ولَّىٰ" مشدداً. وقرأ عيسى بن عمر "تَوَلَّوا" بفتحِهما مضارعَ "تولَّىٰ" والأصل "تَتَوَلَّوا" فحذف إحدى التاءين: إمَّا الأولى على رأي هشام، وإمَّا الثانية على رأي البصريين. ويَنْصُرُها قراءةُ الجميع { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } [الصافات: 90] ولم يقرأ أحدٌ "فَوَلَّوْا" وهي قياسُ قراءةِ الناس هنا. وعلى كلتا القراءتين فلامُ الكلمةِ محذوفٌ وهو الياءُ لأنه مِنْ وَلي.
ومتعلِّقُ هذا الفعلِ محذوفٌ تقديرُه: تُوَلُّو إلى عيدكم، ونحوُه.