قوله: { جُذَاذاً }: قرأ العامَّة "جُذاذاً" بضمِّ الجيم. والكسائيُّ بكسرِها، وابن عباس وأبو نهيك وأبو السَّمَّال بفتحِها. قال قطرب: هي في لغاتها كلِّها مصدرٌ فلا يثنَّى ولا يُجمع ولا يؤنَّثُ. والظاهرُ أن المضمومَ اسمٌ للشيءِ المكسَّرِ كالحُطام والرُّفات والفُتاتِ بمعنى الشيء المحطَّمِ والمفتَّتِ. وقال اليزيديُّ: "المضمومُ جمعُ جُذاذة بالضم نحو: زُجاج في زُجاجة، والمكسورُ جمع جَذيذ نحو: كِرام في كريم". وقال بعضُهم: المفتوحُ مصدرٌ بمعنى المفعولِ أي: مَجْذوذين. ويجوز على هذا أن يكونَ على حَذْفِ مضافٍ أي: ذوات جُذاذ. وقيل: المضمومُ جمع جُذاذَة بالضمِّ، والمسكورُ جمع جِذاذَة بالكسر، والمفتوح مصدرٌ.
وقرأ ابن وثاب "جُذُذاً" بضمَّتين دونَ إلفٍ بين الذَّالَيْن، وهو جمع جَذِيذ كقَليب وقُلُب. وقُرِىء بضمِّ الجيمِ وفتحِ الذال. وفيها وجهان، أحدهما: أن يكونَ أصلٌُها ضمتين، وإنما خُفِّف بإبدال الضمةِ فتحةً نحو: سُرَر وذُلَل في جمع سَرير وذَليل، وهي لغةٌ لبني كَلْب. والثاني: أنه جمع جُذَّة نحو: فُتَت في فُتَّة، ودُرَر في دُرَّة.
والجَذُّ: القطعُ والتكسير، وعليه قوله:
3353ـ بنو المهلبِ جَذَّ اللهُ دابِرَهُمْ أَمْسَوْا رَماداً فلا أَصْلٌ ولا طَرَفُ
وقد تقدَّم هذا مستوفىً في هود.
وأتى بـ"هم" وهو ضميرُ العقلاءِ معاملةً للأصنام معاملةً العقلاءِ، حيث اعتقدوا فيها ذلك.
قوله: { إِلاَّ كَبِيراً } استثناءٌ من المنصوب في "فَجَعَلهم"، أي: لم يكسِرْه بل تركه. و"لهم" صفةٌ له، والضمير يجوز أن يعود على الأصنام. وتأويلُ عودِ ضميرِ العقلاءِ عليها تقدَّم. ويجوز أن يكون عائداً على عابديها. والضميرُ في "إليه" يجوز أن يعود إلى إبراهيم أي: يَرْجِعون إلى مقالتِه حين يظهر لهم الحقُّ، ويجوز أَنْ يكونَ عائداً على الكبير، وبكلٍ قِيل.