التفاسير

< >
عرض

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ
١٥
-النور

الدر المصون

قوله: { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ }: "إذْ" منصوبٌ بـ"مَسَّكُمْ" أو بـ"أَفَضْتُمْ". وقرأ العامَّةُ "تَلَقَّوْنه". والأصلُ: تَتَلَقَّوْنه فحُذِفَتْ إحدىٰ التاءَيْن كـ { تَنَزَّلُ } [القدر: 4] ونحوه. ومعناه: يتلقَّاه بعضُكم من بعض. والبزيُّ على أصله: في أنه يُشَدِّد التاءَ وصلاً. وقد تقدَّم تحقيقُه في البقرة نحو { وَلاَ تَيَمَّمُواْ } [البقرة: 267] وهو هناك سَهَّلَ لأنَّ ما قبله حرفُ لِيْنٍ بخلافِه هنا. وأبو عمرو والكسائي وحمزةُ على أصولِهم في إدغامِ الذالِ في التاء. وقرأ أُبَيّ "تَتَلَقَّوْنَه" بتاءين، وتقدَّم أنها الأصلُ. وقرأ ابن السميفع في روايةٍ عنه "تُلْقُوْنَه" بضمِّ التاءِ وسكونِ اللام وضمِّ القافِ مضارِعَ "ألقىٰ" إلقاءً. وقرأ هو في روايةٍ أخرىٰ "تَلْقَوْنه" بفتح التاءٍ وسكونِ/ اللامِ وفتحِ القاف مضارع لَقِيَ.
وقرأ ابنُ عباس وعائشةُ وعيسى وابنُ يعمر وزيد بن علي بفتحِ التاءِ وكسرِ اللامِ وضَمِّ القافِ مِنْ وَلَقَ الرجلُ إذا كَذِبَ. قال ابن سيده: "جاؤوا بالمتعدي شاهداً على غير المتعدي. وعندي أنه أراد تَلِقُوْن فيه فحذف الحرف ووصل الفعلُ للضمير". يعني أنهم جاؤوا بـ"تَلِقُوْنه" وهو متعدٍ مُفَسَّراً بـ"تُكذِّبون" وهو غيرُ متعد ثم حَمَّله ما ذكر. وقال الطبري وغيره: "إن هذه اللفظةَ مأخوذةٌ من الوَلْقِ وهو الإِسراعُ بالشيءِ بعد الشيءِ كعَدْوٍ في إثْرِ عَدْوٍ وكلامٍ في إثرِ كلامٍ يُقال: وَلَقَ في سَيْرِه أي: أسرع وأنشد:

3436ـ جاءَتْ به عَنْسٌ من الشَّأْمِ تَلِقْ

وقال أبو البقاء: أي: تُسْرعون فيه. وأصله من الوَلْقِ وهو الجنون".
وقرأ زيد بن أسلم وأبو جعفر "تَأْلِقُوْنه" بفتح التاء وهمزةٍ ساكنةٍ ولامٍ مكسورةٍ وقافٍ مضمومةٍ من الأَلْقِ وهو الكذبُ. وقرأ يعقوب "تِيْلَقُوْنه" بكسر التاءِ من فوقُ، بعدها ياءٌ ساكنةٌ ولامٌ مفتوحةٌ وقافٌ مضمومةٌ، وهو مضارع وَلِق بكسر اللامِ كما قالوا يِْيجَلُ مضارعَ وجِل.
وقوله: { بِأَفْوَاهِكُمْ } كقوله:
{ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم } [آل عمران: 167] وقد تقدَّم.