التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ
١١٥
-آل عمران

الدر المصون

قوله تعالى: { وَمَا يَفْعَلُواْ }: قرأ الأخوان وحفص: "يفعلوا" و"يُكْفَروه" بالغيبة، والباقون بالخطاب، فالغيبةُ مراعاةٌ لقوله: { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } فَجَرى على لفظِ الغَيْبة، أَخْبَرَنَا تعالى أنَّ "ما يفعلوا" مِنْ خير بَقِي لهم غيرَ مكفورٍ. والخطابُ على الرجوعِ إلى خطاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم في قولِه: "كنتم". ويجوزُ أَنْ يكون التفاتاً من الغَيْبة في قوله { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } إلى آخره إلى خطابهم، وذلك أنه آنَسَهم بهذا الخطابِ، ويؤيِّد ذلك أنه اقتَصَر على ذِكْر الخير دونَ الشرِّ ليزيدَ في التأنيسِ، ويدلُّ على ذلك قراءةُ الأَخَوين، فإنها كالنص في أنَّ المرادَ قولُه { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ }.
و"كَفَر" يتعدَّى لواحد، فكيف تعدَّى هنا لاثنين، أولُهما قام مقامَ الفاعل، والثاني: الهاءُ في "يُكْفروه"؟ فقيل: إنه ضُمِّنَ معنى فعلٍ يتعدَّى لاثنين وهو "حَرَم" فكأنه قِيل: فَلَنْ تُحْرَمُوه، و"حَرَم" يتعدَّى لاثنين.