التفاسير

< >
عرض

وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً
٢٦
-الأحزاب

الدر المصون

قوله: { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ }: أي وأنزل اللَّهُ. و{ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } بيانٌ للموصولِ فيتعلَّقُ بمحذوفٍ. ويجوز أن يكونَ حالاً. و"مِنْ صَياصِيْهم" متعلِّقٌ بـ "أَنْزل" و"مِنْ" لابتداءِ الغاية. والصَّياصِي جمعُ "صِيْصِيَة" وهي الحصونُ. ويقال لكل ما يُمتنع به ويُتَحَصَّن: صِيْصيَة. ومنه قيل لقَرْنِ الثور ولشوكة الديك: صِيْصِيَة. والصَّياصِي أيضاً: شَوْك الحاكَةِ ويُتَّخَذُ مِنْ حديد قال دُرَيْد بن الصِّمَّة:

3690 ـ .............................. كوَقْعِ الصَّياصِيْ في النسيجِ المُمَدَّدِ

قوله: "فريقاً تَقْتُلون"فريقاً" منصوبٌ بما بعده. وكذلك "فريقاً" منصوب بما قبله. والجملةُ مبيِّنَةٌ ومقررةٌ لقَذْفِ الله الرعبَ في قلوبهم. والعامَّةُ على الخطابِ في الفعلين. وابن ذكوان في روايةٍ بالغَيْبةِ فيهما. واليمانيُّ بالغَيْبة في الأول فقط. وأبو حيوة "تَأْسرون" بضم السين.
قوله: "لم تَطؤُوْها" الجملةُ صفةٌ لـ "أرضاً". والعامَّةُ على همزةٍ مضمومةٍ ثم واوٍ ساكنةٍ مضارعَ وَطِئ. وزيد بن علي "تَطُوْها" بواوٍ بعد طاءٍ مفتوحةٍ. ووجهُها: أنها أَبْدَلَ الهمزةَ ألفاً على غيرِ قياسٍ كقولِه:

3691 ـ إنَّ الأُسودَ لَتَهْدا في مَرابِضِها ............................

فلمَّا أَسْنده للواو التقى ساكنان فَحُذِف أولهما نحو: لم يَرَوْها. وهذا أحسنُ مِنْ أَنْ تقول: ثم أجرى الألفَ المبدَلةَ مِنْ الهمزةِ مُجْرَى الألفِ المتأصِّلةِ فَحَذَفها جزماً؛ لأنَّ الأحسنَ هناك أَنْ لا تُحْذَفَ اعتداداً بأصلها. واستشهد بعضُهم على الحَذْفِ بقولِ زهير:

3692 ـ جَرِيْءٍ متى يُظْلَمْ يعاقِبْ بظلمِه سَريعاً وإن لا يُبْدَ بالظُّلمِ يَظْلِمِ