التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً
٨٦
-النساء

الدر المصون

والتحية في الأصل: المُلْك. قال:

1269- أَؤمُّ بها أبا قابوسَ حتى أُنيخَ على تَحِيَّته بجُندي

وقال آخر:

1630- ولكل ما نال الفتى قد نلتُه إلا التحِيَّهْ

ويقال: التحية: البقاء والمُلْك، ومنه: "التحيات لله" ثم استُعملت في السلام مجازاً، ووزنها تَفْعِلة، والأصل: تَحْيِيَة فأدغمت، وهذا الإِدغامُ واجبٌ خلافاً للمازني، وأصل الأصل تَحْيِيٌّ، لأنه مصدر حَيّا، وحَيّا: فَعَّل، وفَعَّل مصدرُه على التفعيل، إلا أن يكون معتلَ اللام نحو: زكَّى وغَطَّى [فإنه تحذف إحدى الياءين] ويعوض منها تاء التأنيث فيقال: تزكية وتغطية، إلا ما شَذَّ من قوله:

1631- باتَتْ تُنَزِّي دلوَها تَنْزِيَّاً كما تُنَزِّي شَهْلَةٌ صبيَّاً

إلا أن هذا الشذوذَ لا يجوزُ مثلُه في نحو "حَيّا" لاعتلالِ عينه ولامه بالياء، وألحق بعضُم ما لامُه همزةٌ بالمعتلِّها نحو: "نَبّأ تنبئة" و"خَبّأ تخبئة". ومثلُها: أَعْيِيَة وأَعِيَّة، جمع عَيِيٌّ. وقال الراغب: "وأصلُ التحيَّة من الحَياة، ثم جُعِل كلُّ دعاءٍ تحيةً لكون جميعِه غيرَ خارجٍ عن حصولِ الحياةِ أو سببِ الحياة. وأصل التحية أن تقول: "حَيَّاك الله" ثم استُعْمِل في عُرْفِ الشرعِ في دعاء مخصوصٍ.
وقوله تعالى: { أَوْ رُدُّوهَآ } أي: رُدُّوا مثلَها؛ لأنَّ ردَّ عينها مُحالٌ، فحُذِفَ المضافُ نحو:
{ { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [يوسف: 82] وأصلُ "حَيُّوا" حَيِّيُوا، فاستُثْقِلت الضمةُ على الياءِ، فَحُذِفت الضمةُ فالتقى ساكنان: الياءُ والواوُ فحُذِفت الياءُ وضُمَّ ما قبل الواو. وقوله "بأحسنَ" اي: بتحيةٍ أحسنَ من تلك التحيةِ الأولى.