التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ
٣٠
-الشورى

الدر المصون

قوله: { فَبِمَا }: قرأ نافعٌ وابنُ عامر "بما" دونَ فاءٍ. والباقون "فبما" بإثباتِها. فـ "ما" في القراءةِ الأولى الظاهرُ أنَّها موصولةٌ بمعنى الذي، والخبر الجارُّ مِنْ قولِه: "بما كَسَبَتْ". وقال قومٌ منهم أبو البقاء: إنَّها شرطيةٌ حُذِفَتْ منها الفاءُ. قال أبو البقاء: "كقوله تعالى: { { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [الأنعام: 121]. وقولِ الشاعر:

3974 ـ مَنْ يَفْعَلِ الحسناتِ اللَّهُ يَشْكُرها ........................

وهذا ليس مذهبَ الجمهورِ، إنما قال به الأخفشُ وبعضُ البغداديين. وأما الآية فـ "إنَّكم لَمُشْرِكون" ليس جواباً للشرط، إنما هو جوابٌ لقَسمٍ مقدرٍ حُذِفَتْ لامُه الموطِّئَةُ قبل أداةِ الشرطِ.
وأمَّا القراءةُ الثانيةُ فالظاهرُ أنها فيها شرطيةٌ، ولا يُلْتَفَتُ لقولِ أبي البقاء: "إنَّه ضعيفٌ". ويجوزُ أَنْ تكونَ الموصولةَ، والفاءُ داخلةٌ في الخبر تشبيهاً للموصولِ بالشرط، بشروطٍ ذكَرْتُها مُسْتوفاةً في هذا الموضوعِ بحمدِ الله تعالى. وقد وافق نافعٌ وابنُ عامرٍ مصاحفَهما؛ فإنَّ الفاءَ ساقطةٌ من مصاحفِ المدينةِ والشامِ، وكذلك الباقون فإنها ثابتةٌ في مصاحفِ مكةَ والعراقِ.