التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
٢٧
-الزخرف

الدر المصون

قوله: { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي }: فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدها: أنه استثناءٌ منقطع؛ لأنَّهم كانوا عبدةَ أصنامٍ فقط. والثاني: أنه متصلٌ؛ لأنه رُوِي أنهم كانوا يُشْرِكون مع الباري غيرَه.
الثالث: أَنْ يكونَ مجروراً بدلاً مِنْ "ما" الموصولة في قولِه: "ممَّا تعبدُون" قاله الزمخشريُّ. ورَدَّه الشيخ: بأنه لا يجوزُ إلاَّ في نفيٍ أو شبهه قال: "وغَرَّه كونُ براء في معنى النفي، ولا ينفعه ذلك لأنه موجَبٌ". قلت: قد تأوَّل النحاةُ ذلك في مواضعَ من القرآن كقولِه تعالى:
{ { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ } [التوبة: 32] { { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45] والاستثناء المفرغُ لا يكونُ في إيجاب، ولكن لَمَّا كان "يأبى" بمعنى: لا يفعلُ، وإنها لكبيرة بمعنى: لا تَسْهُلُ ولا تَخِفُّ ساغ ذلك، فهذا مثلُه.
الرابع: أَنْ تكونَ "إلاَّ" صفةً بمعنى "غير" على أن تكونَ "ما" نكرةً موصوفةً، قاله الزمخشريُّ قال الشيخ: "وإنما أخرجها في هذا الوجهِ عن كونِها موصولةً؛ لأنَّه يرى أنَّ "إلاَّ" بمعنى "غير" لا يُوْصَفُ بها إلاَّ النكرة" وفيها خلافٌ. فعلى هذا يجوزُ أَنْ تكونَ "ما" موصولةً و"إلاَّ" بمعنى "غير" صفةً لها.