قوله: { إِحْسَاناً }: قرأ الكوفيون "إحْساناً" وباقي السبعةِ "حُسْناً" بضمِّ الحاءِ وسكونِ السينِ، فالقراءةُ الأولى يكون "إحساناً" فيها منصوباً بفعلٍ مقدَّرٍ أي: وَصَّيْناه أَنْ يُحْسِنَ إليهما إحساناً. وقيل: بل هو مفعولٌ به على تضمينِ وصَّيْنا معنى أَلْزَمْنا، فيكونُ مفعولاً ثانياً. وقيل: بل هو منصوبٌ على المفعولِ به أي: وصَّيناه بهما إحساناً مِنَّا إليهما. وقيل: هو منصوبٌ على المصدرِ؛ لأنَّ معنى وصَّيْنا: أَحْسَنَّا فهو مصدرٌ صريحٌ. والمفعولُ الثاني/ هو المجرورُ بالباء. وقال ابن عطية: "إنها تتعلَّق: إمَّا بوَصَّيْنا، وإمَّا بإحساناً". ورَدَّ الشيخُ: هذا الثاني بأنَّه مصدرٌ مؤَوَّلٌ فلا يتقدَّم معمولُه عليه، ولأن "أَحْسَنَ" لا يتعدَّى بالباء، وإنما يتعدَّى باللامِ. لا تقول: "أحسَنْتُ بزيدٍ" على معنى وصول الإِحسان إليه. وقد رَدَّ بعضُهم هذا بقولِه: { { وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي } [يوسف: 100] وقيل: هو بغير هذا المعنى. وقدَّر بعضُهم: ووَصَّيْنا الإِنسانَ بوالدَيْه ذا إحسانٍ، يعني فيكونُ حالاً. وأمَّا "حُسْناً" فقيل فيه ما تقدَّم في إحسان.
وقرأ عيسى والسُّلَمي "حَسَناً" بفتحِهما. وقد تقدَّمَ معنى القراءتَيْنِ في البقرة وفي لقمان.
قوله: "كُرْهاً" قد تَقَدَّم الخلافُ فيه في النساء. وله هما بمعنىً واحد أم لا؟ وقال أبو حاتم: "الكَرْهُ بالفتح لا يَحْسُنُ لأنَّه بالفتح الغَصْبُ والغَلَبَةُ". ولا يُلْتَفَتُ لِما قاله لتواتُرِ هذه القراءةِ. وانتصابُها: إمَّا على الحالِ من الفاعلِ أي: ذاتَ كُرْه. وإمَّا على النعت لمصدرٍ مقدرٍ أي: حَمْلاً كُرْهاً.
قوله: "وحَمْلُه" أي: مدةُ حَمْلِه. وقرأ العامَّةُ "فِصالُه" مصدر فاصَلَ، كأنَّ الأمَّ فاصَلَتْهُ وهو فاصَلَها. والجحدري والحسن وقتادة "فَصْلُه". قيل: والفَصْلُ والفِصال بمعنىً كالفَطْمِ والفِطام، والقَطْفِ والقِطاف. ولو نَصَب "ثلاثين" على الظرفِ الواقعِ موقعَ الخبرِ جاز، وهو الأصلُ. هذا إذا لم نُقَدِّر مضافاً، فإنْ قَدَّرْنا أي: مدةُ حَمْلِه لم يَجُزْ ذلك وتعيَّن الرفعُ، لتصادُقِ الخبرِ والمُخْبَرِ عنه.
قوله: { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ } لا بُدَّ مِنْ جملةٍ محذوفةٍ تكونُ "حتى" غايةً لها أي: عاش واستمرَّتْ حياتُه حتى إذا.
قوله: "أربعين" أي: تمامَها فـ "أربعين" مفعولٌ به.
قوله: { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } أَصْلَحَ يتعدَّى بنفسِه لقولِه: { { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } [الأنبياء: 90] وإنما تعدَّى بـ في لتضمُّنِه معنى الطُفْ بي في ذرِّيَّتي، أو لأنه جَعَلَ الذرِّيَّة ظرفاً للصَّلاح كقولِه:
4040 ـ ........................... ............... يَجْرَحُ في عَراقيبها نَصْلي