قوله: { بِدْعاً }: فيه وجهان، أحدهما: على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: ذا بِدْعٍ، قاله أبو البقاء. وهذا على أَنْ يكونَ البِدْعُ مصدراً. والثاني: أَنَّ البِدْعَ بنفسِه صفةٌ على فِعْل بمعنى بديع كالخِفِّ والخَفيف. والبِدْعُ والبديعُ: ما لم يُرَ له مِثْلٌ، وهو من الابتداع وهو الاختراعُ. أنشد قطرب:
4039ب ـ فما أنا بِدْعٌ مِنْ حوادِثَ تَعْتَري رجالاً عَرَتْ مِنْ بعدِ بُؤْسَى بأَسْعُدِ
وقرأ عكرمة وأبو حيوةَ وابنُ أبي عبلة "بِدَعاً" بفتح الدال جمع بِدْعة أي: ما كنتَ ذا بِدَع. وجَوَّز الزمخشري أَنْ يكونَ صفةً على فِعَل كـ "دِين قِيَم" و"لحم زِيَم". قال الشيخ: "ولم يُثْبِتْ سيبويه صفةً على فِعَل إلاَّ قوماً عِدَا، وقد اسْتُدْرِك عليه "لحم زِيَم" أي: متفرق، وهو صحيحٌ. فأمَّا "قِيَم" فمقصورٌ مِنْ قيام، ولولا ذلك لصَحَّتْ عينُه كما صَحَّتْ في حِوَل وعِوَض. وأمَّا قولُ العربِ: "مكان سِوَىً" و"ماء رِوَىً" ورجل رِضَا وماء صِرَىً فمتأوَّلَةٌ عند التَّصْريفيِّين" قلت: تأويلُها إمَّا بالمصدريَّة أو القَصْر كقِيَم في قيام.
وقرأ أبو حيوةَ أيضاً ومجاهد "بِدَع" بفتح الباء وكسر الدال وهو وصفٌ كحَذِر.
وقوله: "يُفْعَلُ" العامَّةُ على بنائه للمفعول. وابنُ أبي عبلة وزيد ابن علي مبنياً للفاعلِ أي: الله تعالى. والظاهرُ أنَّ "ما" في قولِه: { مَا يُفْعَلُ بِي } استفهاميةٌ مرفوعةٌ بالابتداءِ، وما بعدها الخبرُ، وهي معلِّقَةٌ لأَدْري عن العملِ، فتكونُ سادَّةً مَسَدَّ مفعولَيْها. وجَوَّزَ الزمخشري أَنْ تكونَ موصولةً منصوبةً يعني أنها متعديةٌ لواحدٍ أي: لا أعْرِفُ الذي يفعلُه اللَّهُ تعالى.
قوله: { إِلاَّ مَا يُوحَىٰ } العامَّةُ على بناء "يُوْحَى" للمفعول. وقرأ ابن عُمير بكسرِ الحاءِ على البناءِ للفاعلِ، وهو اللَّهُ تعالى.