التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
١٣
-الحجرات

الدر المصون

قوله: { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ }: الشُّعوب: جمع شَعْب وهو أعلى طبقاتِ الأنسابِ، وذلك أن طبقاتِ النَّسَبِ التي عليها العربُ ستٌّ: الشَّعْبُ والقبيلة والعِمارة والبَطْنُ والفَخِذُ والفَصيلةُ، وكلُّ واحدٍ يَدْخُل فيما قبله، فالفصيلةُ تَدْخُلُ في الفَخِذ، والفَخِذُ في البطن. وزاد بعضُ الناسِ بعد الفَخِذ العشيرة، فجعلها سبعاً وسُمِّيَ الشَّعبُ شعباً لتشَعُّبِ القبائلِ منه، والقبائل سُمِّيَتْ بذلك لتقابُلها، شُبِّهَتْ بقبائلِ الرأسِ وهي قطعٌ متقابلةٌ. وقيل: الشُّعوب في العجم، والقبائل في العرب، والأسباطُ في بني إسرائيل. وقيل: الشعبُ النَسبُ الأبعدُ، والقبيلةُ الأقربُ. وأنشد:

4086ـ قبائلُ مِنْ شُعوبٍ ليس فيهِمْ كريمٌ قد يُعَدُّ ولا نَجيبُ

والنسَبُ إلى الشَّعْب "شَعوبيَّة" بفتح الشين، وهم جيلٌ يَبْغَضون العربَ.
قوله: { لِتَعَارَفُوۤاْ } العامَّةُ على تخفيفِ التاء، والأصلُ: لتتعارفوا فحذفَ إحدى التاءَيْن. والبزيُّ بتشديدِها. وقد تقدَّم ذلك في البقرة. واللام متعلقةٌ بجَعَلْناكم. وقرأ الأعمش بتاءَيْن وهو الأصلُ الذي أدغمه البزيُّ وحَذَفَ منه الجمهورُ. وابن عباس: "لِتَعْرِفُوا" مضارعَ عَرَفَ. والعامَّةُ على كسرِ "إنَّ أكْرَمَكم". وابن عباس على فتحها: فإنْ جَعَلْتَ اللامَ لامَ الأمرِ ـ وفيه بُعْدٌ ـ اتَّضَحَ أَن يكونَ قولُه: "أنَّ أَكْرَمَكم" بالفتح مفعولَ العِرْفان، أَمَرَهم أَنْ يَعْرِفوا ذلك، وإنْ جَعَلْتَها للعلة لم يظهرْ أَنْ يكونَ مفعولاً؛ لأنه لم يَجْعَلْهم شعوباً وقبائلَ ليعرِفوا ذلك، فينبغي أن يُجْعَلَ المفعولُ محذوفاً واللامُ للعلة أي: لِتَعْرِفوا الحقَّ؛ لأنَّ أكرمَكم.