التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
٨١
-المائدة

الدر المصون

وقوله تعالى: { وَلَوْ كَانُوا }: الظاهرُ أنَّ اسم "كان" وفاعل "اتخذوهم" عائدٌ على "كثيراً" من قوله: { تَرَىٰ كَثِيراً مِّنْهُمْ } والضميرُ المنصوب في "اتِّخذوهم" يعودُ على "الذين كفروا" في قوله: { يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأجاز القفال أن يكون اسمُ "كان" يعودُ على "الذين كفروا" وكذلك الضميرُ المنصوبُ في "اتِّخذوهم" والضميرُ المرفوعُ في "اتخذوهم" يعودُ على اليهودِ، والمرادُ بالنبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، والتقدير: ولو كان الكافرون المُتَوَلِّون مؤمنين بمحمد والقرآن ما اتخذهم هؤلاء اليهود أولياءَ، والأولُ أَوْلى لأن الحديثَ عن كثيرٍ لا عن المتولَّيْن، وجاء الجواب "لو" هنا على الأفصح وهو عدمُ دخولِ اللام عليه لكونه منفياً، ومثله قول الآخر:

1789- لو أنَّ بالعلمِ تُعْطَى ما تعيشُ به لَمَا ظَفِرْت من الدنيا بثُفْرُوْقِ

و"ترى" يجوز أَنْ تكونَ مِنْ رؤية البصر، ويكونُ المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تكونَ العِلْمية، والكثيرُ على هذا أَسْلافُهم، فمعنى "تَرى" تَعْلَمُ أخبارَهم وقصصهم بإخبارِنا إياك، فعلى الأول يكون قولُه "يَتَولَّون" في محلِّ نصب على الحال، وعلى الثاني يكون في محلِّ نصبٍ على المفعول الثاني: وقولُه: { وَلَـٰكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ } هذا الاستدراكُ واضحٌ بما تقدَّم. وقولُه: "كثيراً" هو من إقامةِ الظاهر مُقامَ المضمرِ لأنه عبارةٌ عن "كثيراً منهم" المتقدِّمِ، فكأنه قيل: ترى كثيراً منهم ولكنَّ ذلك الكثيرَ، ولا يريدُ: ولكنَّ كثيراً من ذلك الكثيرِ فاسقون.