التفاسير

< >
عرض

وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ
٣٦

الدر المصون

قوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا }: "كم" نُصِب بما بعده. وقُدِّم: إمَّا لأنه استفهامٌ، وإمَّا لأنَّ الخبريَّة تَجْري مَجْرى الاستفهاميةِ في التصدير. و "مِنْ قَرْن" تمييزٌ، و "هم أشدُّ" صفةٌ: إمَّا لـ"لكم" وإمَّا لـ"قرن".
قوله: { فَنَقَّبُواْ } الفاءُ عاطفةٌ على المعنى كأنه قيل: اشتدَّ بَطْشُهم فنَقَّبوا. والضمير في "نَقَّبوا": إما للقرونِ المقتدمةِ وهو الظاهرُ، وإمَّا لقريش، ويؤيِّده قراءةُ ابنِ عباس وابن يعمر وأبي العالية ونصر ابن سيَّار وأبي حيوةَ والأصمعيِّ عن أبي عمرو "فَنَقِّبوا" بكسر القاف أَمْراً لهم بذلك. والتنقيب: التنقير والتفتيش، ومعناه التطوافُ في البلاد. قال الحارث بن حِلِّزة:

4097ـ نَقَّبوا في البلاد مِنْ حَذَرِ الموْتِ وجالُوا في الأرض كلَّ مجَالِ

وقال امرؤ القيس:

4098ـ وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ حتى رَضِيْتُ مِن الغنيمة بالإِياب

وقرأ ابن عباس وأبو عمروٍ أيضاً في رواية "نَقَبوا" بفتح القاف خفيفةً. ومعناها ما تقدَّم. وقُرِىء "نَقِبوا" بكسرها خفيفةً أي: تَعِبَتْ أقدامُهم وأقدامُ إِبِلهم ودَمِيَتْ، فَحُذِفَ المضافُ، وذلك لكثرةِ تَطْوافِهم.
قوله: { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } مبتدأٌ، وخبرُه مضمرٌ تقديرُه: هل لِمَنْ سَلَكَ طريقتَهم، أو هل لهم مِنْ مَحيصٍ، وهذه الجملةُ تحتمل أن تكون إلى إضمارِ قولٍ، وأَنْ لا تكونَ.