قوله: { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا }: العامة على النصب على الاشتغالِ، وكذلك قولُه: { والأرضَ فَرَشْناها } والتقديرُ: وبَنَيْنا السماءَ بَنَيْناها. وقال أبو البقاء: "أي: ورفَعْنا السماءَ" فقدَّر الناصبَ مِنْ غير لفظ الظاهر، وهذا إنما يُصار إليه عند تعذُّرِ التقديرِ الموافقِ لفظاً نحو: زيداً مررت به، وزيداً ضربْتُ غلامَه. وأمَّا في نحو "زيداً ضربتُه" فلا يُقَدَّر: إلاَّ ضربْتُ زيداً. وقرأ أبو السَّمَّال وابن مقسم برفعِهما على الابتداء، والخبرُ ما بعدهما. والنصبُ أرجحُ لعطفِ جملة الاشتغال على جملةٍ فعلية قبلَها.
قوله: { بِأَيْدٍ } يجوز أَنْ يتعلقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ. وفيها وجهان، أحدهما: أنَّها حالٌ من فاعل "بَنَيْناها" أي: ملتبسين بقوةٍ: والثاني: أنها حالٌ مِنْ مفعولِه أي: ملتبسةً بقوةٍ. ويجوزُ أَنْ تكونَ الباءُ للسببِ أي: بسببِ قدرتِنا. ويجوزُ أَنْ تكون الباءُ مُعَدِّيَةً مجازاً، على أن تجعلَ الأَيْدَ كالآلةِ المبنيِّ بها كقولك: بَنَيْتُ بيتَك بالآجُرِّ.
قوله: { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } يجوز أَنْ تكونَ الجملةُ حالاً مِنْ فاعل "بَنَيْناها"، ويجوزُ أَنْ تكونَ حالاً من مفعوله، ومفعول "مُوْسِعون" محذوفٌ أي: موسِعون بناءَها. ويجوزُ أَنْ لا يُقَدَّر له مفعولٌ؛ لأنَّ معناه "لَقادِرون"، مِنْ قولك: ما في وُسْعي كذا أي: ما في طاقتي وقوتي.