التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ
١٩
-النجم

الدر المصون

قوله: { ٱللاَّتَ }: اسمُ صَنَمٍ. قيل: كان لثَقيفِ بالطائف، قاله: قتادة. وقيل: بنخلة. وقيل: بعُكاظ. ورَجَّح ابنُ عطيةً الأولَ بقولِ الشاعر:

4129ـ وفَرَّتْ ثَقِيْفٌ إلى لاتِها بمُنْقَلَبِ الخائبِ الخاسرِ

والألف واللام في "اللات" زائدةٌ لازمةٌ. فأمَّا قولُه: "إلى لاتِها" فَحَذَفَ للإِضافة. وهل هي والعُزَّى عَلَمان بالوَضْع، أو صفتان غالبتان؟ خلافٌ ويَتَرَتَّبُ على ذلك جوازُ حَذْفِ أل وعدمُه. فإنْ قلنا: إنهما ليسا وصفَيْن في الأصلِ فلا تُحْذَفُ منهما أل. وإنْ قلنا: إنهما صفتان، وإنَّ أل لِلَمْحِ الصفةِ جاز، وبالتقديرَيْن فأل زائدةٌ. وقال أبو البقاء: "وقيل: هما صفتان غالبتان مثلَ: الحارث والعباس فلا تكون أل زائدة" انتهى.
وهو غَلَطٌ لأن التي لِلَمْحِ الصفةِ منصوصٌ على زيادِتها، بمعنى أنها لم تؤثِّرْ تعريفاً.
واخْتُلِف في تاء "اللات" فقيل: أصلٌ، وأصلُه مِنْ لات يليتُ فألفُها عن ياءٍ، فإنَّ مادةَ ل ي ت موجودةٌ. وقيل: زائدة، وهي مِنْ لَوَى يَلْوي لأنهم كانوا يَلْوُوْن أعناقَهم إليها، أو يَلْتَوون أي: يَعْتكِفُون عليها، وأصلُها لَوَيَة فحُذِفت لأمُها، فألفُها على هذا مِنْ واوٍ. وقد اختلف القراءُ في الوقف على تائِها. فوقف الكسائيُّ عليها بالهاء والباقون بالتاء، وهو مبنيُّ على القولَيْن المتقدمَيْن: فَمَنْ اعتقدَ تاءَها أصليةً أقَرَّها في الوقف كتاء بَيْت، ومَنْ اعتقد زيادتَها وَقَف عليها هاءً. والعامَّةُ على تخفيفِ تائِها. وقرأ ابن عباس ومجاهد ومنصور بن المعتمر وأبو الجوزاء وأبو صالح وابن كثير في روايةٍ بتشديدِ التاء. وقيل: هو رجلٌ كان يَلُتُّ السَّوِيْق ويُطْعِمُ الحاجَّ، فهو اسمُ فاعلٍ في الأصل غَلَبَ على هذا الرجلِ، وكان يجلسُ عند حَجَرٍ، فلما مات سُمِّي الحَجَرُ باسمِه وعُبِدَ مِنْ دون الله تعالى.
والعُزَّى فُعْلى من العِزِّ، وهي تأنيثُ الأَعَزِّ كالفُضْلى، والأفضل، وهي اسمُ صنمٍ. وقيل: شجرةٌ كانت تُعْبَدُ.