التفاسير

< >
عرض

مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ
١٩
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ
٢٠
-الرحمن

الدر المصون

قوله: { يَلْتَقِيَانِ }: حالٌ من "البحرَيْنِ" وهي قريبةٌ من الحال المقدرةِ. ويجوز بتجوُّزِ أَنْ تكونَ مقارنَةً. و "بينهما بَرْزَخٌ" يجوز أن تكونَ جملةً مستأنفةً، وأَنْ تكونَ حالاً، وأَنْ يكونَ الظرفُ وحدَه هو الحالَ. والبَرْزَخ: فاعلٌ به وهو أحسنُ لقُرْبه من المفرد. وفي صاحبِ الحال وجهان، أحدُهما: هو "البحرَيْن"، والثاني: هو فاعلُ "يَلْتقيان" ولا "يَبْغِيان" حالٌ أخرى كالتي قبلَها أي: مَرَجَهما غيرَ باغيَيْن، أو يلتقيان غيرَ باغيين، أو بينهما بَرْزَخٌ في حالِ عَدَمِ بَغْيهما. وهذه الحالُ في قوة التعليل؛ إذ المعنى: لئلا يَبْغِيا. وقد تَمَحَّل بعضُهم وقال: أصلُ ذلك لئلا يَبْغِيا، ثم حَذَفَ حرفَ العلة، وهو مُطَّرِدٌ مع "أَنْ" و "أَنَّ"، ثم حُذِفَتْ "أَنْ" أيضاً وهو حَذْفٌ مُطَّرِد كقولِه تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ } [الروم: 24] فلمَّا حُذِفَتْ "أَنْ" ارتفع الفعلُ، وهذا غيرُ ممنوعٍ، إلاَّ أنه يتكرَّرُ فيه الحَذْفُ، وله أَنْ يقولَ: قد جاء الحَذْفُ أكثرَ مِنْ ذلك فيما هو أَخْفَى من هذا، كما تقدَّم في { قَابَ قَوْسَيْنِ } [النجم: 9]، وكما سيأتي في قولِه: { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ } } [الواقعة: 82].