التفاسير

< >
عرض

وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣
-الصف

الدر المصون

قوله: { وَأُخْرَىٰ }: فيها خمسةُ أوجهٍ، أحدُها، أنَّها في موضِع رفعٍ على الابتداءِ، وخبرُها مقدَّر أي: ولكم أو ثَمَّ، أو عنده خَصْلَةٌ أخرى، أو مَثُوْبةٌ أخرى. و "تُحبُّونها" نعتٌ لها. الثاني: أن الخبرَ جملةٌ حُذِفَ مبتدَؤُها تقديرُه: هي نصرٌ، والجملةُ خبرُ "أُخْرى"، قاله أبو البقاء، وفيه بُعْدٌ كثيرٌ؛ لأنه تقديرٌ لا حاجةَ إليه. والثالث: أنها منصوبةٌ بفعلٍ محذوفٍ للدلالةِ عليه بالسِّياق، أي ويُعْطِكُمْ، أو يَمْنَحْكم مَثوبةً أخرى. و "تُحبونها" نعتٌ لها أيضاً.
والرابع: أنها منصوبةٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسِّره "تُحبُّونها" فيكونُ من الاشتغالِ، وحينئذٍ لا يكون "تُحِبُّونها" نعتاً؛ لأنه مفسِّرٌ للعاملِ قبله. الخامس: أنها مجرورةٌ عطفاً على "تجارة". وضُعِّفَ هذا: بأنها ليسَتْ مِمَّا دَلَّ عليه، إنما هي ثوابٌ مِنْ عندِ الله. وهذا الوجهُ منقولٌ عن الأخفش.
قوله: { نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ } خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: "تلك النعمةُ ـ أو الخَلَّةُ الأُخْرى ـ نَصْرٌ. و "من الله" نعتٌ له، أو متعلِّقٌ به، أي: ابتداؤه منه. ورَفْعُ "نصرٌ وفَتْحٌ" قراءةُ العامَّةِ، ونَصَبَ ابنُ أبي عبلةَ الثلاثةَ. وفيه أوجهٌ، ذكرها الزمخشريُّ، أحدُها: أنها منصوبةٌ على الاختصاصِ. الثاني: أن ينتصِبْنَ على المصدريَّة أي: يُنْصَرون نَصْراً، ويُفتح لهم فتحاً قريباً. الثالث: أن ينتَصِبْنَ على البدلِ مِنْ "أُخْرى" و "أُخْرى" منصوبٌ بمقدَّرٍ كما تقدَّم أي: يَغْفِرْ لكم، ويُدْخِلْكم جناتٍ، ويؤْتِكم أُخْرى، ثم أبدل منها "نَصْراً وفَتْحاً قريباً".