التفاسير

< >
عرض

كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٣
-الصف

الدر المصون

قوله: { كَبُرَ مَقْتاً }: فيه أوجهٌ، أحدها: أَنْ يكونَ مِنْ باب نِعْم وبِئْسَ، فيكون في "كَبُرَ" ضميرٌ مبهمٌ مفسَّرٌ بالنكرة بعدَه. "وأَنْ تقولوا" هو المخصوصُ بالذمِّ فيجيء فيه الخلافُ المشهورُ: هل رَفْعُه بالابتداء، وخبرُه الجملة مقدمةً عليه، أو خبرُه محذوفٌ، أو هو خبرُ مبتدأ محذوفٍ، كما تقدَّم تحريرُه. هذه قاعدةٌ مُطَّردةٌ: كلُّ فعلٍ يجوز التعجبُ منه يجوزُ أَنْ يُبْنَى على فَعُلَ بضم العين ويَجْري مَجْرى نِعْم وبئس في جميعِ الأحكام. والثاني: أنه من أمثلةِ التعجبِ. وقد عدَّه ابنُ عصفور في التعجبِ المبوبِ له في النحو فقال: "صيغة ما أفْعَلَه وأَفْعِلْ به ولَفَعُل نحو: لَرَمُوَ الرجل". وإليه نحا الزمخشري فقال: "هذا مِنْ أفصحِ كلامٍ وأبلغِه في معناه. قَصَدَ في "كَبُرَ" التعجَب من غير لفظه كقوله:

4256ـ ......................... .......... غلَتْ نابٌ كُلَيْبٌ بَواؤُها

ثم قال: "وأَسْند إلى "أَنْ تقولوا" ونَصَبَ "مَقْتاً" على تفسيره دلالةً على أنَّ قولَهم ما لا يفعلون مَقْتٌ خالِصٌ لا شَوْبَ فيه". الثالث: أنَّ كَبُرَ ليس للتعجبِ ولا للذَّمِّ، بل هو مُسْنَدٌ إلى "أَنْ تقولوا" و "مَقْتاً" تمييزٌ محولٌ من الفاعلية، والأصل: كَبُرَ مَقْتُ أَنْ يقولوا أي: مَقْتُ قَوْلِكم. ويجوز أن يكونَ الفاعلُ مضمراً عائداً على المصدرِ المفهومِ مِنْ قولِه: "لِم تقولونَ" أي: كَبُر هو أي: القولُ مَقْتاً، و "أَنْ تقولوا" على هذا: إما بدلٌ من ذلك الضميرِ، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو أن تقولوا. وقرأ زيد بن علي "يُقاتَلون" بفتح التاءِ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه. وقُرِىء "يُقَتَّلون" بالتشديد.