التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٩
-الجمعة

الدر المصون

قوله: { مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ }: "مِنْ" هذه بيانٌ لـ "إذا" وتفسيرٌ لها قاله الزمخشريُّ. وقال أبو البقاء: إنَّها بمعنى "في"، أي: في يوم. وقرأ العامَّةُ "الجمعة" بضمَّتَيْن. وقرأ ابن الزبير وزيد ابن علي وأبو حيوة وأبو حيوة وأبو عمروٍ في روايةٍ بسكونِ الميم. فقيل: هي لغةٌ في الأولى وسُكِّنَتْ تخفيفاً، وهي لغةُ تميم. وقيل:/ هو مصدرٌ بمعنى الاجتماع. وقيل: لَمَّا كان بمعنى الفعل صار كرجل هُزْأَة، أي: يُهْزَأ به، فلمَّا كان في الجمعة معنى التجمُّع أُسْكِن؛ لأنه مفعولٌ به في المعنى، أو يُشْبهه فصارَ كهُزْأَة الذي يُهْزأ به. قاله مكي، وكذا قال أبو البقاء: "هو بمعنى المُجْتَمَع فيه مثلَ: رجل ضُحْكَة، أي: يُضْحك منه" وقال مكي: "يجوزُ إسكان الميم استخفافاً. وقيل: هي لغةٌ". قلت: قد تقدَّم أنها قراءةٌ، وأنها لغةُ تميم. وقال الشيخ: "ولغةٌ بفتحِها لم يُقْرَأ بها" قلت: قد نقلها قراءةً أبو البقاء فقال: "ويقرأ بفتح الميم بمعنى الفاعِل، أي: يومَ المكان الجامع. مثلَ: رجلٌ ضُحْكَة، أي: كثيرُ الضَّحِك" وقال مكي قريباً منه، فإنه قال: "وفيه لغةٌ ثالثةٌ بفتح الميم على نسبةِ الفعل إليها، كأنَّها تَجْمع الناسَ كما يُقال: رجلٌ لُحَنَة، إذا كان يُلَحِّن الناس، وقُرَأَة، إذا كان يُقْرِىءُ الناس"، ونقلها قراءةً أيضاً الزمخشري، إلاَّ أنه جعلَ الجُمْعةَ بالسكون هو الأصلَ، وبالمضموم مخفَّفاً منه فقال: "يوم الجُمعة: يوم الفوجِ المجموعِ كقولهم: ضُحْكَة للمضحوك منه. ويومُ الجُمعة بفتح الميم: يومُ الوقتِ الجامعِ كقولهم: ضُحَكة ولُعَبة، ويومُ الجُمُعة تثقيلٌ للجُمْعَة كما قيل: عُسُرة في عُسْرة وقُرِىء بهن جميعاً" وتقديرُه: يوم الوقتِ الجامعِ أحسنُ من تقدير أبي البقاءِ: يوم المكانِ الجامعِ؛ لأنَّ نسبةَ الجمعِ إلى الظرفَيْن مجازٌ فالأَوْلى إبقاؤُه زماناً على حالِه.