التفاسير

< >
عرض

وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
-الحاقة

الدر المصون

قوله: { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }: صفةٌ لـ "طعامٌ" دَخَلَ الحصرُ على الصفةِ، كقولك: "ليس عندي رجلٌ إلاَّ من بني تميمٍ" والمرادُ بالحميم الصديقُ، فعلى هذا الصفةُ مختصَّةٌ بالطعامِ أي: ليس له صديق ينفعُه ولا طعامٌ إلاَّ مِنْ كذا. وقيل: التقديرُ: ليس له حميمٌ إلاَّ مِنْ غِسْلين ولا طعامٌ، قاله أبو البقاء، فجعل "مِنْ غِسْلين" صفةً للحميم، كأنَّه أرادَ به الشيءَ الذي يُحَمُّ به البدنُ مِن صديدِ النارِ. ثم قال: "وقيل: من الطعامِ والشرابِ؛ لأنَّ الجميعَ يُطْعَمُ بدليله قولِه: { وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ } [البقرة: 249] فعلى هذا يكونُ { إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } صفةً لـ "حميم" ولـ "طعام"، والمرادُ بالحَميم ما يُشْرَبُ. والظاهرُ أنَّ خبرَ "ليس" هو قوله: "مِنْ غِسْلين" إذا أُرِيد بالحميم ما يُشْرَبُ أي: ليس له شرابٌ ولا طعامٌ إلاَّ غِسْليناً. أمَّا إذا أُريد بالحميمِ الصديقُ فلا يتأتَّى ذلك. وعلى هذا الذي ذكَرْتُه فيُسْألُ عمَّا يُعَلَّقُ به الجارُّ والظرفان؟ والجوابُ: أنها تتعلَّقُ بما تعلَّقَ به الخبرُ، أو يُجْعَلُ "له" أو "ههنا" حالاً مِنْ "حميم"، ويتعلَّقُ "اليوم" بما تَعَلَّق به الحالُ. ولا يجوزُ أَنْ يكونَ "اليومَ" حالاً مِنْ "حميم"، و "له" و "ههنا" متعلِّقان بما تعلَّق به الحالُ؛ لأنه ظرفُ زمانٍ، وصاحبُ الحالِ جثةٌ. وهذا الموضِعُ موضِعٌ حَسَنٌ مفيدٌ فتأمّلْه.
والغِسْلِين: فِعْلِيْن مِن الغُسالةِ، فنونُه وياؤُه زائدتان. قال أهلُ اللغة: هو ما يَجْري من الجِراح إذا غُسِلَتْ. وفي التفسير: هو صَديدُ أهلِ النار. وقيل: شجرٌ يأكلونه.