التفاسير

< >
عرض

وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
١٦٨
-الأعراف

الدر المصون

قوله تعالى: { أُمَماً }: إمَّا حالٌ من مفعول "قطَّعناهم"، وإمَّا مفعولٌ ثانٍ على ما تقدَّم من أنَّ قَطَّعَ تضمَّن معنى صَيَّر. و "منهم" الصالحون" صفةٌ لأمم. وقال أبو البقاء: "أو بدل منه، أي: من أمم" يعني أنه حالٌ من مفعول "قَطَّعناهم" أي: فَرَّقناهم حال كونهم منهم الصالحون.
قوله: { وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ }. "منهم" خبرٌ مقدم، و "دونَ ذلك" نعتٌ لمنعوتٍ محذوف هو المبتدأ، والتقدير: ومنهم ناسٌ أو قومٌ دون ذلك. قال الزمخشري: "معناه: ومنهم ناسٌ منحطُّون عَنِ الصلاح، ونحوه:
{ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 64] بمعنى: ما منا أحدٌ إلا له مقامٌ معلومٌ" يعني في كونه حُذِف الموصوفُ وأقيم الجملةُ الوصفية مُقامَه، كما قام مَقامَه الظرفُ الوصفي. والتفصيل بـ "مِنْ" يجوز فيه حَذْفُ الموصوف وإقامةُ الصفة مُقامه كقولهم: "منا ظَعَن ومنَّا أقام". وقال ابن عطية: "فإن أريدَ بالصَّلاح الإِيمانُ فـ "دون" بمعنى "غير" يُراد به الكفرة". قال الشيخ: "إن أراد أنَّ "دون" ترادِفُ غيراً فليس بصحيحٍ، وإن أرادَ أنه يلزم أنَّ مَنْ كان دون شيء أن يكون غيراً له فصحيح".
و "ذلك" إمَّا أن يُشارَ به إلى الصَّلاح، وإما أَنْ يُشار به إلى الجماعة، فإن أُشير به إلى الصلاح فلا بد من حذف مضاف ليصِحَّ المعنى تقديرُه: ومنهم دونَ أهلِ ذلك الصلاح ليعتدل التقسيم، وإن أُشير به إلى الجماعة أي: ومنهم دونَ أولئك الصالحين فلا حاجة إلى تقدير/ مضاف لاعتدال التقسيم بدونه. وقال أبو البقاء: "ودون ذلك ظرفٌ أو خبر على ما ذكرنا في قوله
{ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [الأنعام: 94]. وفيه نظرٌ من حيث إن "دون" ليس بخبر.