التفاسير

< >
عرض

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٨٣
-الأعراف

الدر المصون

قوله تعالى: { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ }: استثناء من أهله المُنْجَيْن. وقوله: { كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } جوابُ سؤالٍ مقدر. وهذا كما تقدم في البقرة وفي أول هذه السورة في قصة إبليس.
والغابر: المُقيم. هذا هو مشهورُ اللغة، وأنشدوا قول أبي ذؤيب الهذلي:

2239ـ فَغَبَرْتُ بعدهمُ بعيشٍ ناصِبٍ وإخالُ أني لاحقٌ مُسْتَتْبَعُ

ومنه غُبَّرُ اللبن لبقيَّته في الضَّرْع، وغُبَّرُ الحَيْض أيضاً، قال أبو كبير الهذلي، ويُروى لتأبَّط شراً:

2240ـ ومُبَرَّأً من كل غُبَّرِ حَيْضَةٍ وفَسادِ مُرْضِعَةً وداءٍ مُعْضِلِ

ومعنى "من الغابرين" في الآية أي: مِن المقيمين في الهلاك. وقال بعضهم: "غَبَر بمعنى مَضَى وذهب" ومعنى الآية يساعده، وأنشد للأعشى:

2241ـ عَضَّ بما أَبْقى المَواسِيْ له مِنْ أُمِّه في الزمن الغابر

أي: الزمن الماضي. وقال بعضهم: غَبَر أي غاب، ومنه قولهم: "غبر عنا زماناً" وقال أبو عبيدة: "غَبَرَ: عُمِّر دهراً طويلاً حتى هَرِم، ويدل له: { { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } [الصافات: 135]. والحاصلُ أن الغُبور مشتركٌ كعسعس أو حقيقةٌ ومجازٌ وهو المرجح. والغبار: لما يَبْقى من التراب المُثار. ومنه { { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } [عبس: 40] تخييلاً لتغيرها واسودادها. والغَبْراء الأرض. قال طرفة:

2242ـ رأيتُ بني غَبْراءَ لا يُنْكِرونني ولا أهلَ هذاكَ الطرافِ المُمَدَّدِ