التفاسير

< >
عرض

يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٤
-نوح

الدر المصون

قوله: { مِّن ذُنُوبِكُمْ }: في "مِنْ" هذه أوجهٌ، أحدُها: أنَّها تبعيضيةٌ. والثاني: أنها لابتداءِ الغايةِ. والثالث: أنها لبيانِ الجنسِ وهو مردودٌ لعَدَمِ تَقَدُّمِ ما تبيِّنُه. الرابع: أنها مزيدةٌ. قال ابن عطية: "وهو مذهبٌ كوفيٌّ" قلت: ليس مذهبُهم ذلك؛ لأنهم يَشْتَرطون تنكيرَ مَجْرورِها ولا يَشْترطون غيرَه. والأخفشُ لا يَشْترط شيئاً، فزيادتُها هنا ماشٍ على قولِه، لا على قولِهم.
قوله: { وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ } قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: كيف قال: "ويُؤَخِّرْكم" مع إخبارِه بامتناعِ تأخيرِه؟ قلت: قضى اللَّهُ أنَّ قوم نوحٍ إنْ آمنوا عَمَّرَهم ألفَ سنةٍ، وإن بَقُوا على كُفْرِهم أَهْلكهم على رأس تسعمِئة. فقيل لهم: إن آمنتم أُخِّرْتم إلى الأجلِ الأطولِ، ثم أخبرهم أنَّه إذا جاء ذلك الأجلُ الأمَدُّ لا يُؤَخَّرُ" انتهى. وقد تَعَلَّق بهذه الآيةِ مَنْ يقولُ بالأَجَلَيْنِ. وتقدَّم جوابُه. وقوله: { لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } جوابُها محذوفٌ أي: لبادَرْتُمْ إلى ما أَمَرَكم به.