التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ
٢٦
-القيامة

الدر المصون

قوله: { ٱلتَّرَاقِيَ }: مفعولُ "بَلَغَتْ"، والفاعلُ مضمرٌ [يعود] على النفسِ، وإنْ لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ، كقولِ حاتم:

4419ـ أماوِيَّ ما يُغْنِي الثَّراءُ عن الفتى إذا حَشْرَجَتْ يوماً وضاقَ بها الصدرُ

أي: حَشْرَجَتِ النفسُ. وقيل في البيت: إنَّ الدالَّ على النفس ذِكْرُ جُمْلَةِ ما اشتملَ عليها، وهو الغِنى، فكذلك هنا ذِكْرُ الإِنسانِ دالٌّ على النفسِ. والتَّراقِي: جمع تَرْقُوَة، أصلُها تَراقِوُ، قُلِبَتْ واوُها ياءً لانكسار ما قبلها. والتَّرْقُوَة إحدى عِظامِ الصدرِ، كذا قال الشيخ، والمعروفُ غيرُ ذلك. قال الزمخشري: "ولكلِّ إنسانٍ تَرْقُوَتان" فعلى هذا تكونُ مِنْ باب: غليظِ الحواجب وعريضِ المناكب. والتراقِي: موضِعُ الحَشْرَجَةِ. قال:

4420ـ ورُبَّ عظيمةٍ دافَعتُ عنها وقد بلغَتْ نفوسُهُمُ التراقِيْ

وقال الراغب: "التَّرْقُوَةُ عَظْمٌ وُصِلَ ما بين ثُغْرَةِ النحرِ والعاتِق" انتهى. وقال الزمخشري: "العِظامُ المكتنِفةُ لثُغْرَةِ النَّحْرِ عن يمينٍ وشِمالٍ" ووزنها فَعْلُوة، فالتاءُ أصلٌ والواوُ زائدةٌ، يَدُلُّ عليه إدخالُ أهل اللغةِ إياها في مادة "تَرَق". وقال أبو البقاء: "والتراقي: جمع تَرْقُوَة" وهي فَعْلُوة، وليست تَفْعُلَة، إذ ليس في الكلام "رقو"، وقُرِىء "التراقي" بسكونِ الياء، وهي كقراءةِ زيدٍ "تُطْعِمون أهالِيْكم" [المائدة: 89] وقد تقدَّم توجيهُها.