التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ
٧
-القيامة

الدر المصون

قوله: { بَرِقَ }: قرأ نافِع "بَرَقَ" بفتحِ الراء، والباقون بالكسرِ فقيل: لغتان في التحيُّرِ والدَّهْشة. وقيل: بَرِقَ بالكسر تَحَيَّر فَزِعاً. قال الزمخشري: "وأصلُه مِنْ بَرِقَ الرجلُ: إذا نَظَر إلى البَرْقِ فَدُهِشَ بَصَرُه". قال غيرُه: كما يقال: أَسِدَ وبَقِرَ، إذا رأى أُسْداً وبَقَراً كثيرةً فتحيَّر من ذلك. قال ذو الرمَّة:

4407ـ ولو أنَّ لُقْمانَ الحكيمَ تَعَر‍َّضَتْ لعينَيْهِ مَيٌّ سافِراً كاد يَبْرِقُ

وقال الأعشى:

4408ـ وكنتُ أَرَى في وجهِ مَيَّةَ لَمْحَةً فأَبْرَقُ مغشِيَّاً عليَّ مكانيا

وأنشد الفراء:

4409ـ فنَفْسَك فانْعَ ولا تَنْعَني وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ

وبَرَق بالفتح مِن البريق أي: لَمَعَ من شدةِ شخوصه. وقرأ أبو السَّمَّال "بَلَقَ" باللام. قال أهلُ اللغة إلاَّ الفراء. معناه فَتَحَ. يقال: بَلَقْتُ البابَ وأَبْلَقْتُه أي: فتحتُه وفَرجْتُه. وقال الفراء: "بمعنى أَغْلَقْتُه". قال ثعلب: "أخطأ الفراءُ في ذلك" ثم يجوز أَنْ يكونَ "بَلَقَ" غيرَ مادةِ بَرَقَ، ويجوزُ أَنْ يكونَ مادةً واحدةً، أُبْدِل فيها حرفٌ مِنْ آخرَ، وقد جاء إبدالُ اللامِ من الراءِ في أحرف، قالوا: نَثَرَ كِنانته ونَثَلَها. وقالوا: وَجِلَ ووَجِرَ، فيمكن أن يكونَ هذا منه، ويؤيِّدُه أَنَّ بَرَقَ قد أتى بمعنى: شَقَّ عيْنيْه وفَتَحَها، قاله أبو عبيدة. وأنشد:

4410ـ لَمَّا أتاني مِنْ عُمَيْرٍ راغباً أَعْطَيْتُه عِيساً صِهاباً فبرَقْ

أي: ففتح عينيْه، فهذا مناسِبٌ لـ "بَلَقَ" في المعنى".