التفاسير

< >
عرض

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً
٢٣
-الإنسان

الدر المصون

قوله: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا }: يجوزُ أَنْ يكونَ "نحن" توكيداً لاسم "إنَّ"، وأَنْ يكونَ فَصْلاً و "نَزَّلْنا" على هَذَيْن الوجهَيْن هو خبرُ "إنَّ"، ويجوزُ أَنْ يكونَ "نحن" مبتدأً و "نَزَّلْنا" خبرُه، والجملةُ خبرُ "إنَّ". وقال مكي: "نحنُ" في موضع نصبٍ على الصفةِ لاسم "إنَّ"، لأنَّ المضمرَ يُوصَفُ بالمضمر؛ إذ هو بمعنى التأكيدِ لا بمعنى التَّحْلية، ولا يُوْصَفُ بالمُظْهَرِ؛ لأنه بمعنى التَّحْلية، والمضمرُ مُسْتَغْنٍ عن التَّحْلية؛ لأنَّه لم يُضْمَرْ إلاَّ بعد أن عُرِفَ تَحْلِيَتُه وعينُه فهو محتاجٌ إلى التأكيدِ لتأكُّدِ الخبرِ عنه". قلت: وهذه عبارةٌ غريبةٌ جداً؛ كيف يُجْعَلُ المضمرُ موصوفاً بمثلِه؟ ولا نعلمُ خلافاً في عدمِ جوازِ وصفِ المضمرِ إلاَّ ما نُقِل عن الكسائيِّ أنه جوَّزَ وَصْفَ ضميرِ الغائبِ بالمُظْهَرِ. تقول: "مَرَرْتُ به العاقل" على أَنْ يكونَ "العاقِل" نعتاً. أمَّا وَصْفُ ضميرِ غير الغائبِ بضميرٍ آخرَ فلا خلافَ في عَدَمِ جوازِه، ثم كلامُه يَؤُول إلى التأكيدِ فلا حاجةَ إلى العُدول عنه.