التفاسير

< >
عرض

وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
٣٠
-النازعات

الدر المصون

قوله: { بَعْدَ ذَلِكَ }: "بعد" على بابِها من التأخيرِ. ولا مُعارَضَةَ بينها وبين آيةِ فُصِّلت؛ لأنَّه خلق الأرضَ غيرَ مَدْحُوَّةٍ، ثم خَلَق السماءَ، ثم دحا الأرضَ. وقولُ أبي عبيدة: "إنها بمعنى قَبْل" مُنْكَرٌ عند العلماءِ. ويقال: دحا يَدْحُوا دَحْواً ودَحَى يَدْحي دَحْياً، أي: بَسَط، فهو من ذواتِ الواوِ والياءِ، فيُكتبُ بالألف والياء، ومنه قيل لِعُشِّ النَّعامة: أُدْحُوٌّ، وأُدْحِيٌّ، لانبساطِه في الأرض. وقال أمية:

4495ـ وبَثَّ الخَلْقَ فيها إذ دَحاها فهم قُطَّانُها حتى التَّنادِي

وقيل: دحى بمعنى سَوَّى. قال زيد بن نُفَيْل:

4496ـ وأَسْلَمْتُ وَجْهِيْ لِمَنْ أَسْلَمَتْ له الأرضُ تَحْمِلُ صَخْراً ثقالاً

دَحاها فلَمَّا اسْتَوَتْ شَدَّها بأَيْدٍ وأَرْسى عليها الجِبالا

والعامَّةُ على نصبِ "الأرض" و "الجبال" على إضمارِ فعلٍ مفسَّرٍ بما بعده، وهو المختارُ لتقدُّمِ جملةٍ فعليةٍ. ورَفَعَهما الحسنُ وابن أبي عبلة وأبو حيوة وأبو السَّمَّال وعمرُو بن عبيد، على الابتداء، وعيسى برفع "الأرض" فقط.