التفاسير

< >
عرض

فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٣٩
-النازعات

الدر المصون

قوله: { هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ }: إمَّا: هي المَأْوى له، أو هي مَأْواه، وقامَتْ أل مَقامَ الضميرِ، وهو رأيُ الكوفيين. وقد تقدَّم لك تحقيقُ هذا الخلافِ والردُّ على قائلِه بقوله:

4497ـ رَحِيْبٌ قِطابُ الجَيْبِ منها رَفيقةٌ بجَسَّ النَّدامى بَضَّةُ المُتَجَرِّدِ

إذا لو كانَتْ أل عِوَضاً من الضميرِ لَما جُمِع بينهما في هذا البيتِ. ولا بُدَّ مِنْ أحدِ هذَيْن التأويلَيْن في الآيةِ الكريمةِ لأجلِ العائدِ من الجملةِ الواقعةِ خبراً إلى المبتدأ. والذي حَسَّن عدمَ ذِكْرِ العائدِ كَوْنُ الكلمةِ وقعَتْ رأسَ فاصلةٍ. وقال الزمخشري: "والمعنى: فإنَّ الجحيمَ مَأْواه، كما تقولُ للرجل:/ "غُضَّ الطرفَ" وليس الألفُ واللامُ بدلاً من الإِضافةِ، ولكنْ لَمَّا عُلِمَ أنَّ الطاغيَ هو صاحبُ المَأْوى، وأنَّه لا يَغُضُّ الرجلُ طَرْفَ غيره، تُرِكَتِ الإِضافةُ، ودخولُ الألفِ واللامِ في "المَأْوَى" والطَّرْفِ للتعريفِ لأنَّهما معروفان".
قال الشيخ: "وهو كلامٌ لا يَتَحَصَّلُ منه الرابِطُ العائدُ على المبتدأ، إذ قد نَفَى مذهبَ الكوفيين، ولم يُقَدِّر ضميراً كما قَدَّره البصريُّون، فرامَ حصولَ الرابطِ بلا رابطٍ". قلت: قوله: "ولكنْ لَمَّا عُلِمَ" إلى آخره هو عينُ قولِ البصريين، ولا أَدْري كيف خَفِيَ عليه هذا؟