التفاسير

< >
عرض

وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦١
-الأنفال

الدر المصون

قوله تعالى: { وَإِن جَنَحُواْ }: الجُنوح: المَيْل، وجَنَحت الإِبلُ: أمالَتْ أعناقها، قال ذو الرمة:

2438ـ إذا ماتَ فوق الرَّحْلِ أَحْيَيْتُ روحَه بذكراكِ والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ

ويقال: جَنَح الليلُ: أقبل. قال النضر بن شميل: "جَنَح الرجل إلى فلان ولفلان: إذا خضع له". والجُنوح: الاتِّباع أيضاً لتضمُّن الميلِ، قال النابغة يصف طيراً يتبع الجيش:

2439ـ جَوانحَ قد أيقَنَّ أنَّ قبيلَه إذا ما التقى الجمعانِ أولُ غالبِ

ومنه "الجوانح" للأضلاع لمَيْلِها على حَشْوة الشخص، والجناح من ذلك لميلانه على الطائر. وقد تقدَّم الكلام على شيء من هذه المادة في البقرة. وعلى "السِّلم".
وقرأ أبو بكر عن عاصم هنا بكسرِ السين، وكذا في القتال: { وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ }. وافقه حمزة على ما في القتال. و "للسِّلْم" متعلق بـ "جَنَحوا" فقيل: يَتَعدَّى بها وبـ إلى. وقيل: هي هنا بمعنى إلى. وقرأ الأشهب العقيلي "فاجنُحْ" بضم النون وهي لغة قيس، والفتح لغة تميم. والضمير في "لها" يعود على "السلم" لأنها تذكَّر وتؤنَّثُ. ومن التأنيث قولُه:

2440ـ وأَقْنَيْتُ للحربِ آلاتِها وأَعْدَدْتُ للسِّلْم أوزارَها

/ وقال آخر:

2441ـ السِّلْمُ تأخذ منها ما رَضِيْتَ به والحربُ يَكْفيك من أنفاسها جُرَعُ