التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ
٦
-الانشقاق

الدر المصون

قوله: { كَادِحٌ }: الكَدْحُ: قال الزمخشري: "جَهْدُ النفس [في العمل] والكَدُّ فيه، حتى يُؤَثِّر فيها، ومنه كَدَح جِلِدَه إذا خَدَشَه. ومعنى "كادِحٌ"، أي: جاهِدٌ إلى لقاءِ ربِّك وهو الموتُ". انتهى. وقال ابن مقبل:

4524ـ وما الدَّهْرُ إلاَّ تارتان فمِنْهما أموتُ وأخرى أَبْتغي العيشَ أَكْدَحُ

وقال آخر:

4525ـ ومَضَتْ بَشاشَةُ كلِّ عيشٍ صالحٍ وبَقِيْتُ أكْدَحُ للحياةِ وأَنْصَبُ

وقال الراغب: "وقد يُستعمل الكَدْحُ استعمالَ الكَدْمِ بالأسنان. قال الخليل: الكَدْحُ دونَ الكَدْم".
قوله: { فَمُلاَقِيهِ } يجوزُ أَنْ يكونَ عطفاً على كادح. والتسبيبُ فيه ظاهرٌ. ويجوز أَنْ يكونَ خبر مبتدأ مضمرٍ، أي: فأنت مُلاقيه. وقد تقدَّم أنه يجوزُ أَنْ يكونَ جواباً للشرط. وقال ابنُ عطية: "فالفاءُ على هذا عاطفةٌ جملةَ الكلامِ على التي قبلها. والتقدير: فأنت مُلاقيه" يعني بقوله: "على هذا"، أي: على عَوْدِ الضميرِ على كَدْحِك. قال الشيخ: "ولا يَتَعَيَّنُ ما قاله، بل يجوزُ أَنْ يكونَ مِنْ عَطْف المفردات". والضمير: إم‍َّا للربِّ، وإمَّا للكَدْح، أي: مُلاقٍ جزاءَ كَدْحِك.