التفاسير

< >
عرض

قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
٥١
-التوبة

الدر المصون

قوله تعالى: { لَّن يُصِيبَنَآ } قال عمرو بن شقيق: "سمعت أَعْيُنَ قاضي الري يقرأ "لن يُصيبَنَّا" بتشديد النون"، قال أبو حاتم: ولا يجوزُ ذلك؛ لأنَّ النونَ لا تدخل مع "لن"، ولو كانت لطلحة بن مصرف لجاز، لأنها مع "هل" قال الله تعالىٰ: { هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } [الحج: 15]، قلت: يعني أبو حاتم أنَّ المضارعَ يجوز توكيده بعد أداةِ الاستفهامِ، وابن مصرف يقرأ "هل" بدل "لن"، وهي قراءة ابن مسعود.
وقد اعتُذِر عن هذه القراءة: فإنها حملت "لن" على "لم" و "لا" النافيتين، و "لم" و "لا" يجوزُ توكيد الفعل المنفيِّ بعدهما. أمَّا "لا" فقد تقدم تحقيق الكلام عليها في الأنفال، وأمَّا "لم" فقد سُمع ذلك وأنشدوا:

2495 ـ يَحْسَبُه الجاهل ما لم يَعْلما شيخاً على كرسيِّه مُعَمَّمَا

أراد "يَعْلَمَنْ" فأبدل الخفيفةَ ألفاً بعد فتحة كالتنوين.
وقرأ القاضي أيضاً وطلحة: "هل يُصَيِّبُنا" بتشديد الياء. قال الزمخشري: "ووجههُ أن يكونَ يُفَيْعِل لا يُفَعِّل لأنه من بنات الواو لقولهم: الصواب، وصاب يصوب، ومصاوب في جمع مصيبة، فَحَقُّ يُفَعِّل منه يُصَوِّب. ألا ترى إلى قولهم: صَوَّب رأيه، إلا أَنْ يكونَ من لغة من يقول: صاب السهمُ يَصيب كقوله:

2496 ـ أَسْهُمِيَ الصائِبات والصُّيُبْ

يعني أنه أصله صَوْيِب فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحدهما بالسكون فقُلبت الواو ياءً وأدغم فيها، وهذا كما تقدم لك في تحيَّز أن أصله تَحَيْوَز. وأما إذا أخذناه مِنْ لغةِ مَنْ يقول: صاب السهم يَصيب فهو من ذوات الياء فوزنه على هذه اللغة فَعَّل.