التفاسير

< >
عرض

عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ
٢٠
-البلد

الدر المصون

قوله: { مُّؤْصَدَةُ }: قرأ أبو عمروٍ وحمزة وحفص بالهمز، والباقون بالواو، وكذا في "الهُمْزة" فالقراءةُ الأولىٰ من آصَدْتُ البابَ، أي: أَغْلَقْته أُوْصِدُه فهو مُؤْصَدٌ. قيل: ويُحتمل أَنْ يكونَ مِنْ أَوْصَدْتُ، ولكنه هَمَزَ الواوَ الساكنةَ لضمةِ ما قبلَها كما هَمَزَ { بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } [ص: 33] كما تقدَّم. والقراءةُ الثانيةُ ايضاً تحتمل المادتَيْن، ويكون قد خُفِّفَتِ الهمزةُ لسكونها بعد ضمة. وقد نَقَل الفراء عن السوسيِّ الذي قاعدتُه إبدالُ مثلِ هذه الهمزةِ أنه لا يُبْدِلُ هذه بعد ضمةٍ، وعَلَّلوا ذلك بالالتباسِ. واتفق أنه قد قَرَأ "مُوْصَدة" بالواوِ مَنْ قاعدتُه تحقيقُ الهمزةِ، والظاهر أنَّ القراءتَين من مادتين: الأولى مِنْ آصَدَ يُؤْصِد كأَكْرَم يُكْرِم، والثانية مِنْ أَوْصَدَ يُوصِدُ، مثل أَوْصَلَ يُوْصِلُ. قال الشاعر:

4576ـ تَحِنُّ إلى أجْبِالِ مكةَ ناقتي ومِنْ دونِها أبوابُ صنعاءَ مُوْصَدَهْ

أي: مُغْلَقة وقال آخر:

4577ـ قوماً يُعالِجُ قُمَّلاً أبناؤُهمْ وسلاسِلاً حِلَقاً وباباً مُؤْصَدا

وكان أبو بكرٍ راوي عاصمٍ يكره الهمزةَ في هذا الحرفِ، وقالرحمه الله : "لنا إمامٌ يَهْمز "مؤصدة" فأشتهي أن أَسُدَّ أذُني إذا سمعتُه" قلت: وكأنه لم يَحْفَظْ عن شيخِه إلاَّ تَرْكَ الهمزِ مع حِفْظ حفصٍ إياه عنه، وهو أَضْبَطُ لحرِفه من أبي بكر على ما نقله القُراء، وإن كان أبو بكرٍ أكبرَ وأتقنَ وأوثقَ عند أهل الحديث.
وقوله: { عَلَيْهِمْ نَارٌ } يجوزُ أَنْ تكونَ جملةً مستأنفةً، وأَنْ تكونَ خبراً ثانياً، وأن يكونَ الخبرُ وحده "عليهم" و"نار" فاعلٌ به، وهو الأحسنُ.