التفاسير

< >
عرض

أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ
٧
-العلق

الدر المصون

قوله: { أَن رَّآهُ }: "أنْ" مفعولٌ له، أي: لرؤيتِه نفسَه مُسْتَغْنياً. وتعدَّىٰ الفعلُ هنا إلى ضميرَيْه المتصلَيْن؛ لأنَّ هذا مِنْ خواصِّ هذا البابِ. قال الزمخشري: "ومعنى الرؤيةِ العِلْمُ لو كانَتْ بمعنى الإِبصارِ لامتنعَ في فِعْلِها الجمعُ بين الضميرَيْن، و"استغنىٰ" هو المفعول الثاني". قلت: والمسألةُ فيها خلافٌ: ذهب جماعةٌ إلى أنَّ "رأىٰ" البَصَرية تُعْطي حُكْمَ العِلْمَّية، وجَعَل مِنْ ذلك قولَ عائشةَ - رضي اللَّهُ عنها - "لقد رَأَيْتُنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعامٌ إلاَّ الأسْوَدان" وأنشد:

4605ـ ولقد أَراني للرِّماح دَرِيْئَةً مِنْ عَنْ يمين تارةً وأمامي

وتقدَّم تحقيقُه. وقرأ قنبل بخلافٍ عنه "رَأَه" دونَ ألفٍ بعد الهمزة وهو مقصورٌ مِنْ "رآه" في قراءةِ العامَّةِ، ولا شكَّ أنَّ الحَذْفَ في مثلِه جاء قليلاً كقولِهم: "اصابَ الناسَ جَهْدٌ، ولو تَرَ أهلَ مكةَ" بحَذْفِ لامِ "ترى" وقولِ الآخرِ:

4606ـ وَصَّانِيَ العَجَّاجُ فيما وَصَّني

يريد: وصَّاني ولَمَّا روَىٰ ابن مجاهد هذه القراءةَ عن قنبل وقال: "قرأتُ بها عليه" نَسَبه فيها إلى الغلظ. ولا يَنْبغي ذلك لأنه إذا ثبتَتْ قراءةً ولها وجهٌ وإنْ كان غيرُه أشهرَ منه فلا يَنْبغي أَنْ يُقْدِمَ على تَغْليِطِه.