قوله: { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }: العامَّةُ على كَسْرِ اللامِ اسمَ فاعلٍ، وانتصب به "الدّينَ" والحسن بفتحِها على معنى: أنهم يُخْلِصون هم أنفسهم في نياتهم، وانتصب "الدينَ" على أحدِ وجهَيْن: إمَّا إسقاطِ الخافضِ، أي: في الدين، وإمَّا على المصدر من معنى: ليَعْبُدوا، كأنه قيل: ليَدينوا الدينَ، أو ليعبدوا العبادةَ، فالتجوُّز: إمَّا من الفعلِ، وإمَّا في المصدر، وانتصابُ "مُخْلِصِين" على الحال مِنْ فاعل "يعبدون".
قوله: { حُنَفَآءَ } حالٌ ثانيةٌ أو حال من الحالِ قبلَها، أي: من الضمير المستكنِّ فيها. وقوله: { وَمَآ أُمِرُوۤاْ }، أي: وما أُمِروا بما أُمِروا به إلاَّ لكذا وقرأ عبد الله "وما أُمِروا إلاَّ أَنْ يَعْبُدوا" أي: بأَنْ يَعْبدوا. وتحريرُ مثلِها في قوله { { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الآية: 71] في الأنعام.
وقوله: { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } أي: الأمَّةُ أو المِلَّةُ القيمةُ، أي: المستقيمة. وقيل: الكتبُ القَيِّمة؛ لأنها قد تقدَّمَتْ في الذِّكْرِ، قال تعالىٰ: { { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } [البينة: 3]، فلَّما أعادها أعادَها مع أل العهديةِ كقوله: { { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ } [المزمل: 16] وهو حسنٌ، قاله محمد بن الأشعت الطالقاني وقرأ عبد الله: "وذلك الدِّين القيمةِ"، والتأنيثُ حينئذٍ: إمَّا على تأويلِ الدٍّين بالمِلة كقوله:
4613ـ .................. سائِلْ بني أسدٍ ما هذه الصَوْتُ
بتأويل الصيحة، وإمَّا على أنها تاءُ المبالغةِ كعَلاَّمة.