التفاسير

< >
عرض

فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ
٧
وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ
٨
-الزلزلة

الدر المصون

قوله: { خَيْراً } ، { شَرّاً }: في نصبِهما وجهان، أظهرهما: أنهما تمييز للمِثْقال فإنه مقدارٌ. والثاني: أنهما بدلان مِنْ "مثقالَ"
قوله: { يَرَهُ } جوابُ الشرط في الموضعين. وقرأ هشام بسكونِ هاء "يَرَهْ" وَصْلاً في الحرفَيْن. وباقي السبعةِ بضمِّها موصولةً بواوٍ وَصْلاً، وساكنةً وَقْفاً كسائرِ هاءِ الكنايةِ، هذا ما قرَأْتُ به. ونَقَل الشيخُ عن هشام وأبي بكر سكونَها، وعن أبي عمرو ضمُّها مُشْبعة، وباقي السبعةِ بإشباعِ الأولى وسكونِ الثانية. انتهى. وكان ذلك لأجلِ الوقفِ على آخرِ السورةِ غالباً. أمَّا لو وَصَلوا آخرَها بأولِ "العادِيات" كان الحكمُ الإِشباعَ هذا مقتضىٰ أصولِهم كما قَدَّمْتُه وهو المنقولُ.
وقرأ العامَّةُ "يَرَهُ" مبنياً للفاعلِ. وقرأ ابن عباس والحسين بن علي وزيد بن علي وأبو حيوة وعاصم والكسائي في رواية "يُرَه" مبنياً للمفعول. وعكرمة "يَراه" بالألفِ: إمَّا على تقديرِ الجزمِ بحَذْفِ الحركةِ المقدرة، وإمَّا على تَوَهُّمِ أنَّ "مَنْ" موصولةٌ، وتحقيق هذا مذكورٌ في أواخِر يوسف. وحكى الزمخشري أن أعرابياً أَخَّر "خيراً يَرَهُ" فقيل له: قَدَّمْتُ وأَخَّرْتَ، فأنشد:

4615ـ خذا بَطْنَ هَرْشَىٰ أوقَفاها فإنَّه كِلا جانِبَيْ هَرْشَىٰ لَهُنَّ طريقُ

انتهى. يريدُ أنَّ التقديمَ والتأخيرَ سواءٌ، وهذا لا يجوزُ البتةَ فإنه خطأٌ لا يُعْتَقَدُ به قراءةً.
والذَّرَّة قيل: النملةُ الصغيرةُ. وأصغرُ ما تكونُ قضىٰ عليها حَوْلٌ قال امرؤ القيس:

4616ـ من القاصراتِ الطَرْفِ لو دَبَّ مُحْوِلٌ من الذَّرِّ فوق الإِتْبِ منها لأَثَّرا