{يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ} يعني إلى الأرض التي تركتم بها أخويكم {فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ} أي تعرّفوا خبرهما، والتحسّس طلب الشيء بالحواس؛ السمع والبصر، وإنما لم يذكر الولد الثالث، لأنه بقي هناك اختياراً منه، ولأن يوسف وأخاه كانا أحب إليه {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ} أي من رحمة الله {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَٰفِرُونَ} إنما جعل اليأس من صفة الكافر، لأن سببه تكذيب الربوبية أو جهلاً بصفات الله من قدرته وفضله ورحمته {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ} أي على يوسف وقيل: هذا محذوف تقديره فرجعوا إلى مصر {ٱلضُّرُّ} يريدون به المجاعة أو الهم على إخوتهم {بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَٰةٍ} يعنون الدراهم التي جاؤوا بها لشراء الطعام، والمزجاة القليلة، وقيل: الرديئة، وقيل: الناقصة، وقيل: إن بضاعتهم كانت عروضاً فلذلك قالوا هذا {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ} قيل: يعنون بما بين الدراهم الجياد ودراهمهم [من فوق] وقيل: أوف لنا الكيل الذي هو حقنا وزدنا على حقنا، وسموا الزيادة صدقة، ويقتضي هذا أن الصدقة كانت حلالاً للأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: تصدق علينا برد أخينا إلينا {إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ} قال النقاش: هو من المعاريض وذلك أنهم كانوا يعتقدون أنه كافر، لأنهم لم يعرفوه، فظنوا أنه على دين أهل مصر، فلو قالوا: إن الله يجزيك بصدقتك كذبوا، فقالوا لفظاً يوهم أنهم أرادوه وهم لم يريدوه.