التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٥٢
-الحج

التسهيل لعلوم التنزيل

{ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ } النبيّ أعم من الرسول، فكل رسول نبيّ وليس كل نبيّ رسولاً، فقدم الرسول لمناسبته لقوله { أَرْسَلْنَا } وأخر النبي لتحصيل العموم، لأنه لو اقتصر على رسول لم يدخل في ذلك من كان نبياً غير رسول { إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَانُ فِيۤ أُمْنِيَّتِهِ } سبب هذه الآية أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قرأ سورة والنجم بالمسجد الحرام بمحضر المشركين والمسلمين فلما بلغ إلى قوله: { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } ألقى الشيطان: تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى، فسمع ذلك المشركون ففرحوا به وقالوا: محمد يذكر آلهتنا بما نريد.
واختلف في كيفية إلقاء الشيطان، فقيل: إن الشيطان هو الذي تكلم بذلك، وظن الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المتكلم به؛ لأنه قرّب صوته من صوت النبيّ صلى الله عليه وسلم، حتى التبس الأمر على المشركين، وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تكلم بذلك على وجه الخطأ والسهو؛ لأن الشيطان ألقاه ووسوس في قلبه، حتى خرجت تلك الكلمة على لسانه من غير قصد، والقول الثاني أشهر عند المفسرين والناقلين لهذه القصة، والقول الأول أرجح لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم في التبليغ، فمعنى الآية: أن كل نبي وكل رسول قد جرى له مثل ذلك من إلقاء الشيطان، واختلف في معنى تمنى وأمنيته في هذه الآية فقيل: تمنى بمعنى تلا، والأمنية: التلاوة: أي إذا قرأ الكتاب ألقى الشيطان من عنده في تلاوته، وقيل: هو من التمني بمعنى حب الشيء، وهذا المعنى أشهر في اللفظ: أي تمنى النبي صلى الله عليه وسلم مقاربة قومه واستئلافهم، وألقى الشيطان ذلك في هذه الأمنية ليعجبهم ذلك { فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ } أي يبطله كقولك: نسخت الشمس الظل.