{وَتَنْحِتُونَ} ذكر في [الأعراف: 74] {فَارِهِينَ} قرىء بألف وبغير ألف وهو منصوب على الحال في الفاعل من تنحتون، وهو مشتق من الفراهة وهي النشاط والكيس، وقيل: معناه أقوياء وقيل: أشرين بطرين {مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ} مبالغة في المسحورين، وهو من السحر بكسر السين، وقيل: من السحر بفتح السين وهي الرؤية، والمعنى على هذا إنما أنت بشر {لَّهَا شِرْبٌ} أي حظ من الماء {فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ} لما تغيرت ألوانهم حسبما أخبرهم صالح عليه السلام ندموا حين لا تنفعهم الندامة {فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ} التي ماتوا منها وهي العذاب المذكور هنا {مِّنَ ٱلْقَالِينَ} أي من المبغضين، وفي قوله: (قال ومن القالين): ضرب من ضروب التجنيس {مِمَّا يَعْمَلُونَ} أي نجّني من عقوبة عملهم أو اعصمني من عملهم، والأول أرجح {إِلاَّ عَجُوزاً} يعني امرأة لوط {فِي ٱلْغَابِرِينَ} ذكر في [الأعراف: 83] وكذلك {وَأَمْطَرْنَا} [الأعراف: 84] {أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ} قرىء بالهمز وخفض التاء مثل الذي في الحجر وق، ومعناه الغيضة من الشجر، وقرىء هنا وفي ص: بفتح اللام والتاء، فقيل: إنه مسهل من الهمز، وقيل إنه اسم بلدهم، ويقوي هذا: القول بأنه على هذه القراءة بفتح التاء غير منصرف، يدل على ذلك أنه اسم علم، وضعّف ذلك الزمخشري، وقال: إن الأيكة اسم لا يعرف {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} لم يقل هنا أخوهم كما قال في قصة نوح وغيره، وقيل: إن شعيباً بعث إلى مدين، وكان من قبيلتهم، فلذلك قال: {وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً}، وبعث أيضاً إلى أصحاب الأيكة ولم يكن منهم، فلذلك لم يقل أخوهم، فكان شعيباً على هذا مبعوثاً إلى القبيلتين وقيل: إن أصحاب الأيكة مدين، ولكنه قال أخوهم حين ذكرهم باسم قبيلتهم، ولم يقل أخوهم حين نسبهم إلى الأيكة التي هلكوا فيها تنزيهاً لشعيب عن النسبة إليها {مِنَ ٱلْمُخْسِرِينَ} أي من الناقصين للكيل والوزن {بِٱلْقِسْطَاسِ} الميزان المعتدل {وَٱلْجِبِلَّةَ} يعني القرون المتقدمة {عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ} هي سحابة من نار أحرقتهم، فأهلك الله مدين بالصيحة، وأهلك أصحاب الأيكة بالظلة، فإن قيل: لم كرر قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} مع كل قصة؟ فالجواب: أن ذلك أبلغ في الاعتبار، وأشدّ تنبيهاً للقلوب وأيضاً فإن كل قصة منها كأنها كلام قائم مستقل بنفسه، فختمت بما ختمت به صاحبتها.