التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ
٢٦
إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
٢٧
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٢٨
بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ
٢٩
-الزخرف

التسهيل لعلوم التنزيل

{ إِنَّنِي بَرَآءٌ } أي بريء وبراء في الأصل مصدر ثم استعمل صفة، ولذلك استوى فيها الواحد والجماعة كَعَدْل وشبهه { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي } يحتمل أن يكون استثناء منقطعاً، وذلك إن كانوا لا يعبدون الله، أو يكون متصلاً إن كانوا يعبدون الله ويعبدون معه غيره، وإعرابه على هذا بدل { مِّمَّا تَعْبُدُونَ } فهو في موضع خفض، أو منصوب على الاستثناء فهو في موضع نصب { سَيَهْدِينِ } قال هنا: سيهدين، وقال مرة أخرى: فهو يهدين، ليدل على أن الهداية في الحال والاستقبال [من الله] { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ } ضمير الفاعل في جعلها يعود على إبراهيم عليه السلام، وقيل على الله تعالى، والأول أظهر، والضمير يعود على الكلمة التي قالها وهي: { إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ }، ومعناه: التوحيد، ولذلك قيل: يعود على الإسلام لقوله: { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } [الحج: 78]، وقيل: يعود على { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } [الصافات: 35]، والمعنى متقارب: أي جعل إبراهيم تلك الكلمة ثابتة في ذريته؛ لعل من أشرك منهم يرجع إلى التوحيد، والعقب هو الولد وولد الولد ما تناسلا أبداً { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَآبَآءَهُمْ } الإشارة بهؤلاء إلى قريش، وهذا الكلام متصل بما قبله، لأن قريشاً من عقب إبراهيم عليه السلام، فالمعنى لكن هؤلاء ليسوا ممن بقيت الكلمة فيهم، بل متعتهم بالنعم والعافية، فلم يشكروا عليها واشتغلوا بها عن عبادة الله { حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم.