التفاسير

< >
عرض

أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ
٨١
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ
٨٢
-الواقعة

التسهيل لعلوم التنزيل

{ أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } هذا خطاب للكفار، والحديث المشار إليه هو القرآن، ومدهنون معناه متهاونون، وأصله من المداهنة وهي لين الجانب والموافقة بالظاهر لا بالباطن قال ابن عباس معناه مكذبون { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } قال ابن عطية: أجمع المفسرون على أن الآية توبيخ للقائلين في المطر إنه نزل بنوء كذا وكذا، والمعنى تجعلون شكر رزقكم التكذيب، فحذف شكر أنكم تَكْذِبون وكذلك قرأ ابن عباس إلا أنه قرأ تكذِّبون بضم التاء والتشديد كقراءة الجماعة وقراءة علي بفتح التاء وإسكان الكاف من الكذب أي يكذبون في قولهم: نزل المطر بنوء كذا ومن هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول أصبح من عبادي مؤمن بي كافر بالكوكب وكافر بي مؤمن بالكوكب فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكوكب كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" . والمنهي عنه في هذا الباب أن يعتقد أن للكوكب تأثيراً في المطر، وأما مراعاة العوائد التي أجراها الله تعالى فلا بأس به لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة" ، وقد قال عمر للعباس وهما في الاستسقاء: كم بقي من نوء الثريا فقال العباس: العلماء يقولون إنها تعترض في الأفق بعد سقوطها سبعاً، قال ابن الطيب: فما مضت سبع حتى مطروا، وقيل: إن معنى الآية تجعلون سبب رزقكم تكذيبكم للنبي صلى الله عليه سلم فإنهم كانوا يقولون: إن آمنا به حرمنا الله الرزق، كقولهم: { إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } [القصص: 57] فأنكر الله عليهم ذلك. وإعراب أنكم على هذا القول مفعول بتجعلون على حذف مضاف تقديره: تجعلون سبب رزقكم التكذيب، ويحتمل أن يكون مفعولاً من أجله تقديره: تجعلون رزقكم حاصلاً من أجل أنكم تكذبون، وأما على القول الأول فإعراب أنكم تكذبون مفعول لا غير.