التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ
١٧٢
-الأعراف

التسهيل لعلوم التنزيل

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } الآية: في معناها قولان:
أحدهما: أن الله لما خلق آدم أخرج ذريته من صلبه وهم مثل الذر، وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم، فأقروا بذلك والتزموه، روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة وقال به جماعة من الصحابة وغيرهم.
والثاني: أن ذلك من باب التمثيل، وأن أخذ الذرية عبارة عن إيجادهم في الدنيا وأما إشهادهم فمعناه أن الله نصب لبني آدم الأدلة على ربوبيته فشهدت بها عقولهم، فكأنه أشهدهم على أنفسهم، وقال لهم: ألست بربكم وكأنهم قالوا بلسان الحال: بلى أنت ربنا، والأول هو الصحيح لتواتر الأخبار به، إلا أن ألفاظ الآية لا تطابقه بظاهرها، فلذلك عدل عنه من قال بالقول الآخر، وإنما تطابقه بتأويل وذلك أن أخذ الذرية إنما كان من صلب آدم، ولفظ الآية يقتضي أن أخذ الذرية من بني آدم، والجمع بينهما أنه ذكر بني آدم في الآية والمراد آدم كقوله: ولقد خلقناكم ثم صورناكم: الآية، وعلى تأويل لقد خلقنا أباكم آدم في صورته، وقال الزمخشري: إن المراد ببني آدم أسلاف اليهود، والمراد بذريتهم من كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الصحيح المشهور أن المراد جمع بني آدم حسبما ذكرناه { قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ } قولهم بلى: إقرار منهم بأن الله ربهم، فإن تقديره: أنت ربنا، فإن بلى بعد التقرير تقتضي الإثبات، بخلاف نعم فإنها إذا وردت بعد الاستفهام تقتضي الإيجاب، وإذا وردت بعد التقرير تقتضي النفي، ولذلك قال ابن عباس في هذه الآية: لو قالوا: نعم لكفروا، وأما قولهم: شهدنا؛ فمعناه شهدنا بربوبيتك، فهو تحقيق لربوبية الله وأداء لشهادتهم بذلك عند الله، وقيل: إن شهدنا من قول الله والملائكة؛ أي شهدنا على بني آدم باعترافهم (أن يقولوا يوم القيامة) في موضع مفعول من أجله: أي فعلنا ذلك كراهية أن تقولوا، فهو من قول الله لا من قولهم، وقرئ بالتاء على الخطاب لبني آدم، وبالياء على الإخبار عنهم.