التفاسير

< >
عرض

سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
١
لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
٢
مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ
٣
-المعارج

التسهيل لعلوم التنزيل

{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } من قرأ سأل بالهمز احتمل معنيين؛ أحدهما: أن يكون بمعنى الدعاء، أي دعا داع بعذاب واقع، وقد تكون الإشارة إلى قول الكفار: (أمطر علينا حجارة من السماء)، وكان الذي قالها النضر بن الحارث، والآخر أن يكون بمعنى الاستخبار، أي سأل سائل عن عذاب واقع، والباء على هذا بمعنى عن، وتكون الإشارة إلى قوله: { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } [يونس: 48] وغير ذلك، وأما من قرأ سال بغير همز فيحتمل وجهين؛ أحدهما: أن يكون مخففاً من المهموز، فيكون فيه المعنيان المذكوران، والثاني أن يكون من سال السيل إذا جرى، ويؤيد ذلك قراءة ابن عباس: سال سيل، وتكون الباء على هذا كقولك ذهبت بزيد، وإذا كان من السيل احتمل وجهين: أحدهما أن يكون شبَّه العذاب في شدته وسرعة وقوعه بالسيل، وثانيهما: أن تكون حقيقة، قال زيد بن ثابت: في جهنم واد يقال له سائل، فتلخص من هذا أن في القراءة بالهمز يحتمل معنيين وفي القراءة بغير همز أربعة معان { لِّلْكَافِرِينَ } يحتمل أن يتعلق بواقع وتكون اللام بمعنى على، أو تكون صفة للعذاب، أو يتعلق بسأل إذا كانت بمعنى دعا، أي دعا للكافرين بعذاب، أو تكون مستأنفاً كأنه قال: هو للكافرين { مِّنَ ٱللَّهِ } يحتمل أن يتعلق بواقع أي واقع من عند الله، أو بدافع أي ليس له دافع من عند الله، أو يكون صفة للعذاب أو مستأنفاً { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } جمع معرج وهو المصعد إلى علو كالسلم، والمدارج التي يُرتقى بها، قال ابن عطية: هي هنا مستعارة في الفضائل والصفات الحميدة، وقيل: هي المراقي إلى السماء، وهذا أظهر لأنه فسرها بما بعدها من عروج الملائكة.