التفاسير

< >
عرض

ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
١١
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً
١٢
وَبَنِينَ شُهُوداً
١٣
وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً
١٤
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
١٥
كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً
١٦
سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
١٧
-المدثر

التسهيل لعلوم التنزيل

{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } هذا وعيد وتهديد، ونزلت الآية في الوليد بن المغيرة باتفاق، وفي معنى { وَحِيداً } ثلاثة أقوال: أحدها: روي أنه كان يلقب الوحيد، أي لا نظير له في ماله وشرفه، وكونه وحيداً نعمة عددها الله عليه، الثاني: أن معناه خلقته منفرداً ذليلاً، الثالث: أن معناه خلقته وحدي، فوحيداً على هذا من صفة الله تعالى، وإعرابه على هذا حال من الضمير الفاعل في قوله: خلقت، وهو على القولين الأولين حال من الضمير المفعول { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } أي كثيراً، واختلف في مقداره فقيل: ألف دينار، وقيل عشرة آلاف دينار، وقيل: يعني الأرض لأنها مدت { وَبَنِينَ شُهُوداً } أي حضوراً، ورُوي أنه كان له عشرة من الأولاد، وقيل: ثلاث عشرة لا يفارقونه. وأسلم منهم ثلاثة وهم: خالد وهشام وعمار { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } أي بسطت له في الدنيا بالمال والقوة وطيب العيش { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } أي يطمع في الزيادة على ما أعطاه الله، وهذا غاية الحرص { كَلاَّ } زجر عما طمع فيه من الزيادة { عَنِيداً } أي معانداً مخالفاً، والآيات هنا يراد بها القرآن لأن الوليد قال فيه: إنه سحر، ويحتمل أن يريد الدلائل { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } الصعود العقبة الصعبة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها عقبة في جهنم، كلما صعدها الإنسان ذاب ثم يعود، فالمعنى سأشق عليه بتكليفه الصعود فيها.