التفاسير

< >
عرض

وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ
٣٤
إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ
٣٥
نَذِيراً لِّلْبَشَرِ
٣٦
لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ
٣٧
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
٣٨
إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ
٣٩
فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ
٤٠
عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ
٤١
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
٤٢
قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ
٤٣
وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ
٤٤
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ
٤٥
وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
٤٦
حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ
٤٧
فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ
٤٨
-المدثر

التسهيل لعلوم التنزيل

{ كَلاَّ } ردع للكفار عن كفرهم، وقال الزمخشري: هي إنكار لأن تكون لهم ذكرى { إِذْ أَدْبَرَ } أي ولى وقرئ دَبَر بغير ألف والمعنى واحد. وقيل: معناه دبر الليل والنهار أي جاء في دبره { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } أي أضاء، ومنه الإسفار بصلاة الصبح { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } الضمير لجهنم، أو للآيات والنذارة أي هي من الأمور العظام، والكبر جمع كبرى وقال ابن عطية: جمع كبيرة والأول هو الصحيح { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } تمييز أو حال من إحدى الكبر وقيل: النذير هنا الله، فالعامل فيه على هذا محذوف. وهذا ضعيف، وقيل: هو حال من هذه السورة أي قم فأنذر نذيراً وهذا بعيد، قال الزمخشري: هو من بدع التفاسير { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } التقديم عبارة عن تقديم سلوك طريق الهدى والتأخر ضده، ولمن شاء بدل من البشر أي هم متمكنون من التقدم والتأخر، وقيل: معناه الوعيد كقوله: { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29] وعلى هذا أعرب الزمخشري أن يتقدم مبتدأ ولمن شاء خبره والأول أظهر { رَهِينَةٌ } قال ابن عطية: الهاء في رهينة للمبالغة أو على تأنيث النفس. وقال الزمخشري: ليست بتأنيث رهين لأن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي بمعنى الرهن، أي كل نفس رهن عند الله بعملها { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } أي أهل السعادة فإنهم فكوا رقابهم بأعمالهم الصالحة، كما فكَّ الراهن رهنه بأداء الحق وقال عليّ بن أبي طالب: أصحاب اليمين هم الأطفال لأنهم لا أعمال لهم يرتهنون بها، وقال ابن عباس: هم الملائكة { يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي يسأل بعضهم بعضاً عن حال المجرمين الذين في النار { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } أي ما أدخلكم النار، وهذا خطاب للمجرمين، يحتمل أن خاطبهم به المسلمون أو الملائكة فأجابوهم بقولهم: { لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } وما بعده، أي هذا الذي أوجب دخولهم النار، وإنما أخر التكذيب بيوم الدين تعظيماً له لأنه أعظم جرائمهم { نَخُوضُ } الخوض هو كثرة الكلام بما لا ينبغي من الباطل وشبهه { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } هو الموت عند المفسرين وقال ابن عطية: إنما اليقين الذي أرادوا ما كانوا يكذبون في الدنيا، فيتيقنونه بعد الموت { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } إنما ذلك لأنهم كفار، وأجمع العلماء أنه لا يشفع أحد في الكفار، وجمع الشافعين دليل على كثرتهم كما ورد في الآثار، تشفع الملائكة والأنبياء والعلماء والشهداء والصالحين.