التفاسير

< >
عرض

فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ
١٦
وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ
١٧
وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ
١٨
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ
١٩
-الانشقاق

التسهيل لعلوم التنزيل

{ فَلاَ أُقْسِمُ } ذكر في نظائره { بِٱلشَّفَقِ } هي الحمرة التي تبقى بعد غروب الشمس، وقال أبو حنيفة: هو البياض، وقيل: هو النهار كله. وهذا ضعيف والأول هو المعروف عند الفقهاء وعند أهل اللغة { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } أي جمع وضم، ومنه الوسق وذلك الليل يضم الأشياء ويسترها بظلامه { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } أي إذا كمل ليلة أربعة عشر، ووزن اتسق افتعل وهو مشتق من الوسق، فكأنه امتلأ نوراً. وفي الآية من أدوات البيان لزوم ما لا يلزم، لالتزام السين قبل القاف في وسق واتسق.
{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } الطبق في اللغة له معنيان: أحدهما: ما طابق غيره. يقال: هذا طِبق لهذا إذا طابقه، والآخر: جمع طبقة. فعلى الأول يكون المعنى لتركبن حالاً بعد حال كل واحدة منها مطابقة للأخرى، وعلى الثاني يكون المعنى لتركبن أحوالاً بعد أحوال هي طبقات بعضها فوق بعض، ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال، وفي قراءة تركَبن فأما من قرأ بضم الباء فهو خطاب لجنس الإنسان، وفي تفسير الأحوال على هذا ثلاثة أقوال أحدها أنها شدائد الموت ثم البعث ثم الحساب ثم الجزاء، والآخر: أنها كون الإنسان نطفة ثم علقة إلى أن يخرج إلى الدنيا ثم إلى أن يهرم ثم يموت، والثالث لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم. وأما من قرأ تركبَنَّ بفتح الباء فهو خطاب للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا، وقيل: هي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم اختلف القائلون بهذا على ثلاثة أقوال أحدها: لتركبن مكابدة الكفار حالاً بعد حال، والآخر: لتركبن فتح البلاد شيئاً بعد شيء، والثالث لتركبن السمٰوات في الإسراء بعد سماء، وقوله: { عَن طَبقٍ } في موضع الصفة لطبقاً أو في موضع حال من الضمير في تركبن، قاله الزمخشري.