التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ
٦
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ
٧
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً
٨
وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً
٩
-الانشقاق

التسهيل لعلوم التنزيل

{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ } خطاب للجنس { إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ } الكدح في اللغة هو: الجد والاجتهاد والسرعة، فالمعنى أنك في غاية الاجتهاد في السير إلى ربك، لأن الزمان يطير، وأنت في كل لحظة تقطع حظاً من عمرك القصير، فكأنك سائر مسرع إلى الموت، ثم تلاقي ربك، وقيل: المعنى إنك ذو جِد فيما تعمل من خير أو شر، ثم تلقى ربك فيجازيك به والأول أظهر، لأن كادح تعدى بإلى لما تضمن معنى السير، ولو كان بمعنى العمل لقال: لربك { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } ذكر في الحاقة { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } يحتمل أن يكون اليسير بمعنى قليل، أو بمعنى هيّن سهل، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نوقش الحساب عذّب. فقالت عائشة: ألم يقل الله فسوف يحاسب حساباً يسيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك العرض وأما من نوقش الحساب فيهلك" . وفي الحديث أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الله يدني العبد يوم القيامة حتى يضع كنفه عليه فيقول: فعلت كذا وكذا ويعدد عليه ذنوبه ثم يقول: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حاسب نفسه في الدنيا هون الله عليه حسابه يوم القيامة" { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } أي يرجع إلى أهله في الجنة مسروراً بما أعطاه الله، والأهل: زوجاته في الجنة من نساء الدنيا أو من الحور العين، ويحتمل أن يريد قرابته من المؤمنين، وبذلك فسره الزمخشري.